للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَالْفَرِيضَةُ) عُرْفًا (نَصِيبٌ مُقَدَّرٌ شَرْعًا لِمُسْتَحِقِّهِ) وَقَدْ رُوِيَتْ أَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى فَضْلِ هَذَا الْعِلْمِ، وَالْحَثِّ عَلَى تَعَلُّمِهِ وَتَعْلِيمِهِ، فَمِنْهَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الْعِلْمُ ثَلَاثَةٌ وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَضْلٌ: آيَةٌ مُحْكَمَةٌ، وَسُنَّةٌ قَائِمَةٌ، وَفَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ، فَإِنِّي امْرُؤٌ مَقْبُوضٌ، وَإِنَّ الْعِلْمَ سَيُقْبَضُ وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ حَتَّى يَخْتَلِفَ اثْنَانِ فِي الْفَرِيضَةِ فَلَا يَجِدَانِ مَنْ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ.

وَعَنْ عُمَرَ: تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ، فَإِنَّهَا مِنْ دِينِكُمْ.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا؛ فَإِنَّهَا نِصْفُ الْعِلْمِ، وَهُوَ يُنْسَى، وَهُوَ أَوَّلُ عِلْمٍ يُنْزَعُ مِنْ أُمَّتِي» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ رِوَايَةِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ. وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ.

فَقَالَ أَهْلُ السَّلَامَةِ: لَا نَتَكَلَّمُ فِيهِ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْنَا اتِّبَاعُهُ، وَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ نِصْفُ الْعِلْمِ بِاعْتِبَارِ الْحَالِ؛ فَإِنَّ لِلنَّاسِ حَالَتَيْنِ: حَيَاةٌ وَوَفَاةٌ، فَالْفَرَائِضُ تَتَعَلَّقُ بِالثَّانِي، وَبَاقِي الْعُلُومِ بِالْأَوَّلِ، وَقِيلَ بِاعْتِبَارِ الثَّوَابِ؛ لِأَنَّ لَهُ بِتَعْلِيمِ مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ الْفَرَائِضِ مِائَةَ حَسَنَةٍ، وَبِغَيْرِهَا مِنْ الْعُلُومِ عَشْرَ حَسَنَاتٍ قِيلَ: وَأَحْسَنُ الْأَقْوَالِ أَنْ يُقَالَ: أَسْبَابُ الْمِلْكِ نَوْعَانِ: اخْتِيَارِيٌّ، وَهُوَ مَا يَمْلِكُ رَدَّهُ كَالشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهِمَا، وَقَهْرِيٌّ وَهُوَ مَا لَا يَمْلِكُ رَدَّهُ، وَهُوَ الْإِرْثُ.

وَعَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهَا فِي دَيْنِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهَا حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَعْلَمُهَا بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَقْرَؤُهَا لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أُبَيٌّ، وَأَعْلَمُهَا بِالْفَرَائِضِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ -

، وَحُكِيَ أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ مُسْلِمٍ رَأَى فِي مَنَامِهِ أَنَّهُ دَخَلَ بُسْتَانًا، فَأَكَلَ مِنْ جَمِيعِ ثَمَرِهِ إلَّا الْعِنَبَ الْأَبْيَضَ، فَقَصَّهُ عَلَى شَيْخِهِ الْأَوْزَاعِيِّ، فَقَالَ: تُصِيبُ مِنْ الْعِلْمِ كُلِّهَا إلَّا الْفَرَائِضَ؛ فَإِنَّهَا جَوْهَرُ الْعِلْمِ، كَمَا أَنَّ الْعِنَبَ الْأَبْيَضَ جَوْهَرُ الْعِنَبِ وَالْأَصْلُ فِيهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَسَتَقِفُ عَلَى ذَلِكَ مُفَصَّلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>