وَابْنِ مَسْعُودٍ، لِمَا رَوَى سَعِيدٌ فِي " سُنَنِهِ " عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَّثَ ثَلَاثَ جَدَّاتٍ، ثِنْتَيْنِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَوَاحِدَةً مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ» ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَرَوَى سَعِيدٌ أَيْضًا عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُوَرِّثُونَ مِنْ الْجَدَّاتِ ثَلَاثًا، ثِنْتَيْنِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَوَاحِدَةً مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى التَّحْدِيدِ بِثَلَاثٍ، وَأَنَّهُ لَا يُوَرَّثُ مَنْ فَوْقَهَا (فَلَا مِيرَاثَ لِأُمِّ أَبِي أُمِّ أَبٍ) لَا لِكُلِّ جَدَّةٍ أَدْلَتْ بِأَبٍ بَيْنَ أُمَّيْنِ (وَلَا لِأُمِّ أَبِي جَدٍّ) لِأَنَّ الْقَرَابَةَ كُلَّمَا بَعُدَتْ ضَعُفَتْ، وَالْجُدُودَةُ جِهَةٌ ضَعِيفَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهَا مِنْ الْقَرَابَاتِ، وَلِذَلِكَ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى فُرُوضَ الْوَرَثَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْجَدَّاتِ، فَإِذَا بَعُدْنَ زِدْنَ ضَعْفًا، فَيَكُونُ مَنْ عَدَاهُنَّ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ (وَ) الْجَدَّاتُ (الْمُتَحَاذِيَاتُ) ؛ أَيْ: الْمُتَسَاوِيَاتُ فِي الدَّرَجَةِ (أُمُّ أُمِّ أُمٍّ، وَ) أُمُّ (أُمِّ أَبٍ، وَأُمُّ أَبِي أَبٍ) وَكَذَا أُمُّ أُمِّ أُمِّ أُمٍّ، وَأُمُّ أُمِّ أُمِّ أَبٍ، وَأُمُّ أُمِّ أَبِي أَبٍ، وَإِنْ أَرَدْت تَنْزِيلَ الْجَدَّاتِ الْوَارِثَاتِ وَغَيْرِهِنَّ فَاعْلَمْ أَنَّ لِلْمَيِّتِ فِي الدَّرَجَةِ الْأُولَى جَدَّةً بَيْنَ أُمِّ أُمِّهِ وَأُمِّ أَبِيهِ، وَفِي الثَّانِيَةِ أَرْبَعٌ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَبَوَيْهِ جَدَّةً، فَهُمَا أَرْبَعَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، وَفِي الثَّالِثَةِ ثَمَانٍ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْ وَلَدَيْهِ أَرْبَعًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَيَكُونُ لِوَلَدِهِمَا ثَمَانٍ، وَعَلَى هَذَا كُلَّمَا عَلَوْنَ دَرَجَةً يُضَاعَفُ عَدَدُهُنَّ، وَلَا يَرِثُ مِنْهُنَّ إلَّا ثَلَاثٌ. (وَ) لِجَدَّةٍ (ذَاتِ قَرَابَتَيْنِ مَعَ) جَدَّةٍ (ذَاتِ قَرَابَةٍ) وَاحِدَةٍ (ثُلُثَا السُّدُسِ، وَلِلْأُخْرَى) ذَاتِ الْقَرَابَةِ الْوَاحِدَةِ (ثُلُثُهُ) ؛ أَيْ: السُّدُسُ؛ لِأَنَّ ذَاتِ الْقَرَابَتَيْنِ شَخْصٌ ذُو قَرَابَتَيْنِ يَرِثُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدَةً لَا يُرَجَّحُ بِهِمَا عَلَى غَيْرِهِ، فَوَجَبَ أَنْ تَرِثَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، كَابْنِ الْعَمِّ إذَا كَانَ أَخًا لِأُمٍّ أَوْ زَوْجًا، وَفَارَقَتْ الْأَخَ لِأَبَوَيْنِ؛ لِأَنَّهُ رَجَحَ بِقَرَابَتِهِ عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ، وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ التَّرْجِيحِ بِالْقَرَابَةِ الزَّائِدَةِ وَالتَّوْرِيثِ بِهَا، فَإِذَا وُجِدَ أَحَدُهُمَا انْتَفَى الْآخَرُ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخِلَّ بِهِمَا جَمِيعًا، وَهَاهُنَا قَدْ انْتَفَى التَّرْجِيحُ بِالْقَرَابَةِ الزَّائِدَةِ؛ فَيَثْبُتُ التَّوْرِيثُ، خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ؛ فَإِنَّهُمَا قَالَا: السُّدُسُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، (فَلَوْ تَزَوَّجَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute