الْمُسَمَّى بِالْأَخِ (الْمَشْئُومِ) لِأَنَّ وُجُودَهُ صَارَ سَبَبًا لِحِرْمَانِ نَفْسِهِ وَأُخْتِهِ مِنْ الْمِيرَاثِ، فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ (لِلزَّوْجِ نِصْفُ) التَّرِكَةِ ثَلَاثَةٌ (وَلِلْأُمِّ سُدُسُ) هَا وَاحِدٌ (وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ ثُلُثُ) هَا اثْنَانِ (وَسَقَطَ سَائِرُهُمْ) أَيْ: بَاقِيهِمْ؛ لِاسْتِغْرَاقِ الْفُرُوضِ التَّرِكَةَ (وَتُسَمَّى) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ (مَعَ وَلَدِ الْأَبَوَيْنِ) الذَّكَرِ فَأَكْثَرَ، أَوْ الذَّكَرِ مَعَ الْإِنَاثِ (الْمُشَرَّكَةَ) وَكَذَلِكَ كُلُّ مَسْأَلَةٍ اجْتَمَعَ فِيهَا زَوْجٌ وَأُمٌّ أَوْ جَدَّةٌ وَاثْنَانِ فَصَاعِدًا مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ وَعَصَبَةٌ مِنْ وَلَدِ الْأَبَوَيْنِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ الْمُشَرَّكَةَ؛ لِأَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ شَرَّكَ فِيهَا وَلَدَ الْأَبَوَيْنِ وَوَلَدَ الْأُمِّ فِي فَرْضِ وَلَدِ الْأُمِّ، فَقَسَمَهُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ (وَ) تُسَمَّى (الْحِمَارِيَّةَ) لِأَنَّهُ يُرْوَى أَنَّ عُمَرَ أَسْقَطَ وَلَدَ الْأَبَوَيْنِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: هَبْ أَبَانَا حِمَارًا، أَلَيْسَتْ أُمُّنَا وَاحِدَةً؟ فَشَرَّكَ بَيْنَهُمْ، وَيُرْوَى هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيُّ بْنِ كَعْبٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي مُوسَى؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: ١٢] وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَلَدُ الْأُمِّ عَلَى الْخُصُوصِ، فَمَنْ شَرَّكَ بَيْنَهُمْ، فَلَمْ يُعْطِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ، فَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ مُخَالَفَةُ ظَاهِرِ الْآيَةِ الْأُخْرَى، وَهِيَ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١٧٦] يُرَادُ بِهَذِهِ الْآيَةِ سَائِرُ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ، وَهُمْ يُسَوُّونَ بَيْنَ ذَكَرِهِمْ وَأُنْثَاهُمْ، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا» .
وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ وَلَدَ الْأَبَوَيْنِ عَصَبَةٌ لَا فَرْضَ لَهُمْ، وَقَدْ تَمَّ الْمَالُ بِالْفُرُوضِ، فَوَجَبَ أَنْ يَسْقُطُوا؛ كَمَا لَوْ كَانَ مَكَانَ وَلَدِ الْأُمِّ ابْنَتَانِ، وَقَدْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاحِدٌ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ وَمِائَةٌ مِنْ وَلَدِ الْأَبَوَيْنِ؛ لَكَانَ لِلْوَاحِدِ السُّدُسُ، وَلِلْمِائَةِ السُّدُسُ الْبَاقِي، لِكُلِّ وَاحِدٍ عَشَرَةٌ، فَإِذَا جَازَ أَنْ يَفْضُلَهُمْ الْوَاحِدُ هَذَا الْفَضْلَ كُلَّهُ، فَلَأَنْ يُسْقِطَهُمْ وُجُودُ الْأُنْثَيَيْنِ مِنْ بَابِ أَوْلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute