مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ؛ عَتَقَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى سَيِّدِهِ أَوْ إلَى وَرَثَتِهِ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ بِكِتَابَتِهِ، وَهِيَ مِنْ سَيِّدِهِ (أَوْ) عَتَقَ عَلَيْهِ بِ (تَدْبِيرٍ) بِأَنْ قَالَ: إذَا مِتَّ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَمَاتَ، وَخَرَجَ مِنْ ثُلُثِهِ (أَوْ) عَتَقَ عَلَيْهِ بِ (إيلَادٍ) كَأُمِّ وَلَدِهِ (أَوْ) عَتَقَ عَلَيْهِ بِ (وَصِيَّةٍ) بِأَنْ وَصَّى بِعِتْقِهِ، فَنُفِّذَتْ وَصِيَّتُهُ، وَكَذَا إنْ وَصَّى بِعِتْقِهِ، وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي، وَبِتَعْلِيقِ عِتْقِهِ بِصِفَةٍ، فَوُجِدَتْ، أَوْ حَلَفَ السَّيِّدُ بِعِتْقِهِ، فَحَنِثَ، أَوْ بِتَمْثِيلٍ بِهِ (فَلَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ) لِحَدِيثِ: «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(فِي جَمِيعِ أَحْكَامِ التَّعْصِيبِ) الْمَذْكُورَةِ (وَ) لَهُ أَيْضًا الْوَلَاءُ (عَلَى أَوْلَادِهِ) ؛ أَيْ: الْعَتِيقِ (مِنْ زَوْجَةٍ عَتِيقَةٍ) لِمُعْتَقِهِ أَوْ غَيْرِهِ (وَ) عَلَى أَوْلَادِهِ مِنْ (سُرِّيَّةٍ وَ) لَهُ الْوَلَاءُ (عَلَى مَنْ لَهُ) ؛ أَيْ: الْعَتِيقِ وَلَاؤُهُ (أَوْ لَهُمْ) ؛ أَيْ: لِأَوْلَادِ الْعَتِيقِ مِمَّنْ سَبَقَهُ (وَإِنْ سَفَلُوا وَلَاؤُهُ) ؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّ نِعْمَتِهِمْ، وَبِسَبَبِهِ عَتَقُوا، وَلِأَنَّهُمْ فَرْعُهُ، وَالْفَرْعُ يَتْبَعُ أَصْلَهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاشَرَ عِتْقَهُمْ، وَسَوَاءٌ الْحَرْبِيُّ وَغَيْرُهُ، فَلَوْ أَعْتَقَ حَرْبِيٌّ حَرْبِيًّا؛ فَلَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ لِحَدِيثِ: «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» فَإِذَا جَاءَ الْمُعْتَقُ مُسْلِمًا فَالْوَلَاءُ بِحَالِهِ، وَأَنَّهُ وَإِنْ سُبِيَ الْمُعْتَقُ لَمْ يَرِثْ مَا دَامَ عَبْدًا، فَإِذَا أُعْتِقَ؛ فَعَلَيْهِ الْوَلَاءُ لِمُعْتِقِهِ، وَلَهُ الْوَلَاءُ عَلَى عِتْقِهِ، وَيَثْبُتُ الْوَلَاءُ لِلْمُعْتَقِ (حَتَّى لَوْ) كَانَ (أَعْتَقَهُ سَائِبَةً كَ) قَوْلِهِ: (أَعْتَقْتُك سَائِبَةً أَوْ) قَالَ: أَعْتَقْتُك وَ (لَا وَلَاءَ لِي عَلَيْك) لِعُمُومِ حَدِيثِ: «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» .
فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَزُولُ نَسَبُ إنْسَانٍ وَلَا وَلَدٍ عَنْ فِرَاشٍ بِشَرْطٍ لَا يَزُولُ وَلَاءٌ عَنْ عَتِيقٍ بِهِ، وَلِذَلِكَ لَمَّا أَرَادَ أَهْلُ بَرِيرَةَ اشْتِرَاطَ وَلَائِهَا عَلَى عَائِشَةَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اشْتَرِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» .
يُرِيدُ أَنَّ اشْتِرَاطَ تَحْوِيلِ الْوَلَاءِ عَنْ الْمُعْتَقِ لَا يُفِيدُ شَيْئًا. وَرَوَى مُسْلِمٌ بِإِسْنَادِهِ عَنْ هُذَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: إنِّي أَعْتَقْت عَبْدًا لِي، وَجَعَلْته سَائِبَةً، فَمَاتَ، وَتَرَكَ مَالًا، وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إنَّ أَهْلَ الْإِسْلَامِ لَا يُسَيِّبُونَ، وَإِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يُسَيِّبُونَ، وَأَنْتَ وَلِيُّ نِعْمَتِهِ، فَإِنْ تَأَثَّمْت وَتَحَرَّجْتَ مِنْ شَيْءٍ فَنَحْنُ نَقْبَلُهُ، وَنَجْعَلُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ (أَوْ) أَعْتَقَهُ (فِي زَكَاتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute