وَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْبِنْتُ وَمُعْتِقُ الْأُمِّ، كَانَ نِصْفُ وَلَاءِ عَتِيقِ الْأَبِ لِلْبِنْتِ؛ لِعِتْقِهَا لِنِصْفِ الْأَبِ الْمُعْتَقِ لَهَا لَهُ، وَنِصْفُ وَلَائِهِ الْبَاقِي لِلِابْنِ؛ لِعِتْقِهِ أَيْضًا لِنِصْفِ الْأَبِ الْمُعْتَقِ لَهُ، فَحَيْثُ كَانَ الِابْنُ مَيِّتًا كَانَ هَذَا النِّصْفُ لِمَنْ لَهُ وَلَاءُ الِابْنِ، أَعْنِي الْبِنْتَ وَمَوْلَى الْأُمِّ، فَإِنَّ وَلَاءَ الِابْنِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِمَا عَلِمْت مِنْ انْجِرَارِ نِصْفِ وَلَائِهِ لِلْبِنْتِ، وَبَقَاءِ نِصْفِهِ الْآخَرِ لِمَوْلَى الْأُمِّ، هَذَا مُقْتَضَى مَا سَيَذْكُرُهُ فِي الْفَصْلِ بَعْدَهُ.
وَلَوْ اشْتَرَيَا أَخَاهُمَا، فَعَتَقَ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ، وَمَاتَ الْأَخُ الْمُعْتَقُ قَبْلَ مَوْتِ الْعَبْدِ، وَخَلَّفَ ابْنَهُ، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ، فَمِيرَاثُهُ لِابْنِ الْأَخِ دُونَ الْأُخْتِ؛ لِأَنَّهُ ابْنُ أَخِي الْمُعْتِقِ، فَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ الْأَخُ إلَّا بِنْتَهُ؛ فَنِصْفُ مَالِ الْعَبْدِ لِلْأُخْتِ؛ لِأَنَّهَا مُعْتِقَةٌ نِصْفَ مُعْتَقِهِ، وَلَا شَيْءَ لِبِنْتِ الْأَخِ، وَالْبَاقِي لِبَيْتِ الْمَالِ.
(وَمَنْ خَلَّفَتْ ابْنًا وَعَصَبَةً) مِنْ إخْوَةٍ وَأَعْمَامٍ (وَلَهَا عَتِيقٌ فَوَلَاؤُهُ) ؛ أَيْ: الْعَتِيقِ (وَإِرْثُهُ لِابْنِهَا) لِأَنَّهُ أَقْرَبُ عَصَبَتِهَا (إنْ لَمْ يَحْجُبْهُ) ؛ أَيْ: ابْنَهَا (نَسِيبٌ) لِلْعَتِيقِ (وَعَقْلُهُ) ؛ أَيْ: الْعَتِيقِ (عَلَيْهِ) ؛ أَيْ: الِابْنِ (وَعَلَى عَصَبَتِهَا، فَإِذَا بَادَ) ؛ أَيْ: انْقَرَضَ (بَنُوهَا، وَإِنْ سَفَلُوا فَ) وَلَاءُ عَتِيقِهَا (لِعَصِبَتِهَا) الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ (دُونَ عَصَبَةِ بَنِيهَا) لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يُورَثُ؛ لِمَا رَوَى إبْرَاهِيمُ قَالَ: اخْتَصَمَ عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ فِي مَوْلَى صَفِيَّةَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: مَوْلَى عَمَّتِي، وَأَنَا أَعْقِلُ عَنْهُ، وَقَالَ الزُّبَيْرُ: مَوْلَى أُمِّي وَأَنَا أَرِثُهُ، فَقَضَى عُمَرُ عَلَى عَلِيٍّ بِالْعَقْلِ، وَقَضَى لِلزُّبَيْرِ بِالْمِيرَاثِ. رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ، وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ مَشْهُورَةٌ
، وَعَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَضَى بِوَلَاءِ صَفِيَّةَ لِلزُّبَيْرِ دُونَ الْعَبَّاسِ، وَقَضَى بِوَلَاءِ أُمِّ هَانِئٍ لِجَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ دُونَ عَلِيٍّ، وَلَا يَمْتَنِعُ كَوْنُ الْعَقْلِ عَلَى الْعَصَبَةِ، وَالْمِيرَاثُ لِغَيْرِهِمْ؛ كَمَا «قَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِيرَاثِ الْمَرْأَةِ الَّتِي قُتِلَتْ هِيَ وَجَنِينُهَا لِبِنْتِهَا، وَعَقْلُهَا عَلَى الْعَصَبَةِ» .
(فَائِدَةٌ) : وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى حَيًّا، وَهُوَ رَجُلٌ عَاقِلٌ مُوسِرٌ؛ فَعَلَيْهِ مِنْ الْعَقْلِ، وَلَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهُ عَصَبَةُ مُعْتِقِهِ، وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً أَوْ مَعْتُوهًا؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute