فَسَأَلَ عَنْهُمْ، فَقِيلَ لَهُ: إنَّهُمْ مَوَالِي رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَأَبُوهُمْ مَمْلُوكٌ لِأَهْلِ الْحُرْقَةِ، فَاشْتَرَى الزُّبَيْرُ أَبَاهُمْ، فَأَعْتَقَهُ وَقَالَ لِأَوْلَادِهِ: انْتَسَبُوا إلَيَّ؛ فَإِنَّ وَلَاءَكُمْ لِي، فَقَالَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ: الْوَلَاءُ لِي؛ لِأَنَّهُمْ عَتَقُوا بِعِتْقِي أُمَّهُمْ، فَاحْتَكَمُوا إلَى عُثْمَانَ، فَقَضَى بِالْوَلَاءِ لِلزُّبَيْرِ، فَاجْتَمَعَتْ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ. وَاللَّعْسُ سَوَادٌ فِي الشَّفَتَيْنِ تَسْتَحْسِنُهُ الْعَرَبُ.
(وَلَا يَعُودُ) الْوَلَاءُ الَّذِي جَرَّهُ مَوْلَى الْأَبِ (لِمَوْلَى الْأُمِّ بِحَالٍ) ؛ أَيْ: لَوْ انْقَرَضَ مَوَالِي الْأَبُ فَالْوَلَاءُ لِبَيْتِ الْمَالِ دُونَ مَوَالِي الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ يَجْرِي مَجْرَى النَّسَبِ. وَلَوْ انْقَرَضَ الْأَبُ وَآبَاؤُهُ لَمْ يَعُدْ النَّسَبُ إلَى الْأُمِّ، فَكَذَا الْوَلَاءُ، فَلَوْ وَلَدَتْ بَعْدَ عِتْقِ الْأَبِ كَانَ وَلَاءُ وَلَدِهَا لِمَوَالِي أَبِيهِ بِغَيْرِ خِلَافٍ. (وَيَتَّجِهُ) أَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَعُودُ لِمَوْلَى الْأُمِّ بِحَالٍ (مَا لَمْ يَنْفِهِ) أَبُوهُ (بِلِعَانٍ) فَإِنْ نَفَاهُ أَبُوهُ بِلِعَانٍ عَادَ وَلَاؤُهُ إلَى مَوَالِي الْأُمِّ؛ لِأَنَّنَا تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ يَنْتَسِبُ إلَيْهِ، فَإِنْ عَادَ الْأَبُ، فَاسْتَلْحَقَهُ؛ لَحِقَهُ، وَعَادَ الْوَلَاءُ إلَى مَوَالِي الْأَبِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ لِجَرِّ الْوَلَاءِ ثَلَاثَةَ شُرُوطٍ: أَنْ يَكُونَ الْأَبُ رَقِيقًا حِينَ وِلَادَةِ أَوْلَادِهِ مِنْ زَوْجَتِهِ الَّتِي هِيَ عَتِيقَةٌ لِغَيْرِ سَيِّدِهِ، وَأَنْ تَكُونَ الْأُمُّ مَوْلَاةً، فَإِنْ كَانَتْ حُرَّةَ الْأَصْلِ؛ فَلَا وَلَاءَ عَلَى وَلَدِهَا بِحَالٍ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَوَلَدُهَا رَقِيقٌ لِسَيِّدِهَا، إنْ أَعْتَقَهُمْ؛ فَوَلَاؤُهُمْ لَهُ مُطْلَقًا، لَا يَنْجَرُّ عَنْهُ بِحَالٍ، وَإِنْ لَمْ يُعْتِقْ الْعَبْدَ سَيِّدُهُ فَإِنْ مَاتَ عَلَى الرِّقِّ؛ لَمْ يَنْجَرَّ الْوَلَاءُ بِحَالٍ، فَإِنْ اخْتَلَفَ سَيِّدُ الْعَبْدِ وَمَوْلَى الْأُمِّ فِي الْعَبْدِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَقَالَ سَيِّدُهُ: مَاتَ حُرًّا بَعْدَ جَرِّ الْوَلَاءِ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ مَوْلَى الْأُمِّ؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الرِّقِّ.
ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute