الْحَامِلَ مِنْهُ؛ لِحَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ مَرْفُوعًا: «مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمِ مَحْرَمٍ فَهُوَ حُرٌّ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ.
، وَأَمَّا حَدِيثُ: «لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ، مَمْلُوكًا، فَيَشْتَرِيَهُ، فَيَعْتِقَهُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ
فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ فَيَشْتَرِيَهُ فَيَعْتِقَهُ بِشِرَائِهِ، كَمَا يُقَالُ: ضَرَبَهُ، فَقَتَلَهُ، وَالضَّرْبُ هُوَ الْقَتْلُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الشِّرَاءَ لَمَّا كَانَ يَحْصُلُ بِهِ الْعِتْقُ تَارَةً دُونَ أُخْرَى؛ جَازَ عَطْفُ صِفَتِهِ عَلَيْهِ، كَمَا يُقَالُ: ضَرَبَهُ، فَأَطَارَ رَأْسَهُ، وَذَكَرَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ أَنَّ الْعِتْقَ بِالْمِلْكِ آكَدُّ مِنْ التَّعْلِيقِ.
فَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَ ذِي رَحِمِهِ الْمَحْرَمِ عَلَى مِلْكِهِ، فَمَلَكَهُ عَتَقَ بِمِلْكِهِ لَا بِتَعْلِيقِهِ، وَلَا يَعْتِقُ بِالْمِلْكِ ذُو رَحِمٍ غَيْرُ مَحْرَمٍ كَوَلَدِ عَمِّهِ وَعَمَّتِهِ، وَوَلَدِ خَالِهِ وَخَالَتِهِ، وَلَا يَعْتِقُ أَيْضًا مَحْرَمٌ بِرَضَاعٍ كَأُمِّهِ مِنْهُ وَأُخْتِهِ وَعَمَّتِهِ مِنْهُ وَخَالَتِهِ مِنْهُ، أَوْ مَحْرَمٌ بِمُصَاهَرَةٍ كَأُمِّ زَوْجَتِهِ وَبِنْتِهَا وَحَلَائِلِ عَمُودَيْ النَّسَبِ؛ فَلَا يَعْتِقُونَ بِالْمِلْكِ؛ لِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ، وَلِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِي عِتْقِهِمْ، وَلَا هُمْ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِمْ، فَيَبْقَوْنَ عَلَى الْأَصْلِ.
(وَأَبٌ وَابْنٌ مِنْ زِنًا أَوْ رَضَاعٍ كَأَجْنَبِيَّيْنِ) فَلَا عِتْقَ بِمِلْكِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ نَصًّا؛ لِعَدَمِ ثُبُوتِ أَحْكَامِ الْأُبُوَّةِ وَالْبُنُوَّةِ مِنْ الْمِيرَاثِ وَالْحَجْبِ وَالْمَحْرَمِيَّةِ وَثُبُوتِ الْوِلَايَةِ وَوُجُوبِ الْإِنْفَاقِ، وَكَذَا أَخٌ وَنَحْوُهُ مِنْ زِنًا.
(وَيَعْتِقُ حَمْلٌ لَمْ يُسْتَثْنَ) ؛ أَيْ: لَمْ يَسْتَثْنِهِ مُعْتِقٌ (بِعِتْقِ أُمِّهِ) لِأَنَّهُ يَتْبَعُهَا فِي الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، فَفِي الْعِتْقِ أَوْلَى (مِنْ حِينِ عِتْقِ) أُمِّهِ؛ لِأَنَّهُ عِتْقٌ مُنَجَّزٌ، فَعَتَقَ مِنْ حِينِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ مُنْفَصِلًا، وَعُلِمَ مِنْهُ صِحَّةُ اسْتِثْنَاءِ الْحَمْلِ فِي الْعِتْقِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْعِتْقِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ، فَصَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ كَالْمُنْفَصِلِ، وَيُفَارِقُ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعِلْمُ بِصِفَاتِ الْمُعَوَّضِ لِيُعْلَمَ هَلْ قَامَ مَقَامَ الْعِوَضِ أَوْ لَا، وَالْعِتْقُ تَبَرُّعٌ لَا تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى مَعْرِفَةِ صِفَاتِ الْمُعْتَقِ، وَلَا تُنَافِيهِ الْجَهَالَةُ بِهِ، وَيَكْفِي الْعِلْمُ بِوُجُودِهِ وَقَدْ وُجِدَ.
(وَإِنْ) عَتَقَ أُمَّهُ (سِرَايَةً) كَعِتْقِ شَرِيكٍ مُوسِرٍ حِصَّتَهُ مِنْ الْأُمِّ، فَيَسْرِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute