لِصِغَرٍ أَوْ سَفَهٍ أَوْ جُنُونٍ عَلَّقَ عِتْقَ رَقِيقِهِ بِصِفَةٍ؛ فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ (وَلَوْ مَلَكَهُ) ؛ أَيْ: الرَّقِيقَ (بَعْدَ رُشْدِهِ) لِأَنَّهُ حِينَ عَقَدَ الصِّفَةَ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي مَالِهِ مَمْنُوعًا مِنْ التَّصَرُّفِ فِي شَيْءٍ مِنْهُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
وَالتَّعْلِيقُ (نَحْوُ) قَوْلِهِ: (إنْ مَلَكْت فُلَانًا) فَهُوَ حُرٌّ (أَوْ) قَوْلِهِ: (كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ) فَإِذَا مَلَكَهُ جَائِزُ التَّصَرُّفِ حِينَ التَّعْلِيقِ؛ عَتَقَ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْعِتْقَ إلَى حَالٍ يَمْلِكُ عِتْقَهُ فِيهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ، وَهُوَ فِي مِلْكِهِ.
وَرَوَى أَبُو طَالِبٍ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: إذَا قَالَ: إنْ اشْتَرَيْت هَذَا الْغُلَامَ فَهُوَ حُرٌّ، فَاشْتَرَاهُ؛ عَتَقَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ مَقْصُودٌ مِنْ الْمِلْكِ، وَالنِّكَاحُ لَا يُقْصَدُ بِهِ الطَّلَاقُ، وَفَرَّقَ أَحْمَدُ بِأَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَا فِيهِ قُرْبَةٌ إلَى اللَّهِ.
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّ الْقَائِلَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ لَا يَثْبُتُ لَهُ مِلْكٌ عَلَى رَقِيقٍ أَصْلًا؛ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهِ عَلَيْهِ، فَيَلْزَمُ (إذَنْ تَعَذُّرُ عِتْقِهِ) ؛ أَيْ: الْقَائِلِ ذَلِكَ (قِنًّا عَنْ كَفَّارَةٍ) لَزِمَتْهُ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ مِلْكِهِ رَقِيقًا يَعْتِقُ عَلَيْهِ (وَيُحْتَمَلُ) أَنَّ الْقَائِلَ ذَلِكَ إذَا لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ لَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهَا فِي عِتْقٍ (إلَّا فِي) صُورَةٍ هِيَ أَنْ يَقُولَ لِمَالِكِ عَبْدٍ: (أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي) فَيَفْعَلُ؛ فَإِنَّهُ يَصِحُّ ذَلِكَ، وَيَقَعُ عَنْ كَفَّارَةِ الْقَائِلِ؛ لِأَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي ذَلِكَ، وَيَلْزَمُ الْقَائِلَ لِلْمَقُولِ لَهُ ثَمَنُ الْعَبْدِ بِالْتِزَامِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute