«أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غُلَامٌ غَيْرُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَقَالَ مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟ فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَدَفَعَهَا إلَيْهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي رِوَايَةٍ: «وَقَالَ: أَنْتَ أَحْوَجُ مِنْهُ» .
(وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ) ؛ أَيْ: التَّدْبِيرِ (مِمَّنْ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ) فَيَصِحُّ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ وَمُمَيِّزٍ يَعْقِلُهُ، وَيُعْتَبَرُ لِعِتْقِ مُدَبَّرٍ خُرُوجُهُ (مِنْ ثُلُثِهِ) ؛ أَيْ: مَالِ السَّيِّدِ لِمُدَبَّرٍ يَوْمَ مَوْتِهِ، لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ بَعْدَ الْمَوْتِ؛ أَشْبَهَ الْوَصِيَّةَ، بِخِلَافِ الْعِتْقِ فِي الصِّحَّةِ، وَالِاسْتِيلَادُ أَقْوَى مِنْ التَّدْبِيرِ لِصِحَّتِهِ مِنْ الْمَجْنُونِ، فَإِنْ اجْتَمَعَ التَّدْبِيرُ وَالْوَصِيَّةُ بِالْعِتْقِ تُسَاوَيَا؛ لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا عِتْقٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَإِنْ اجْتَمَعَ الْعِتْقُ فِي الْمَرَضِ وَالتَّدْبِيرِ؛ قُدِّمَ الْعِتْقُ لِسَبْقِهِ، إنْ لَمْ يَفِ الثُّلُثُ بِالْمُدَبَّرَةِ وَوَلَدِهَا التَّابِعِ لَهَا فِي التَّدْبِيرِ؛ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، فَأَيُّهُمَا خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ عَتَقَ كُلُّهُ إنْ احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ، وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِهِ إنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ، وَإِنْ فَضَلَ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ عِتْقِهِ شَيْءٌ كَمُلَ الثُّلُثُ بِالْعِتْقِ مِنْ الْآخَرِ، فَيَعْتِقُ مِنْهُ تَمَامُ الثُّلُثِ.
(وَإِنْ قَالَا) ؛ أَيْ: شَرِيكَانِ فِي عَبْدٍ (لِعَبْدِهِمَا) مَثَلًا (إنْ مُتْنَا فَأَنْتَ حُرٌّ، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا؛ عَتَقَ نَصِيبُهُ وَبَاقِيه) يَعْتِقُ (بِمَوْتِ الْآخَرِ) نَصًّا؛ لِأَنَّهُ مِنْ مُقَابَلَةِ الْجُمْلَةِ بِالْجُمْلَةِ، فَيَنْصَرِفُ إلَى مُقَابَلَةِ الْبَعْضِ بِالْبَعْضِ كَقَوْلِهِ: رَكِبُوا دَوَابَّهُمْ وَلَبِسُوا أَثْوَابَهُمْ؛ أَيْ: كُلُّ إنْسَانٍ رَكِبَ دَابَّتَهُ، وَلَبِسَ ثَوْبَهُ، وَإِنْ احْتَمَلَهُ ثُلُثُ الْأَوَّلِ عَتَقَ كُلُّهُ بِالسِّرَايَةِ.
(وَصَرِيحُهُ) ؛ أَيْ: التَّدْبِيرِ (لَفْظُ عِتْقٍ وَ) لَفْظُ (حُرِّيَّةٍ مُعَلَّقَيْنِ بِمَوْتِهِ) ؛ أَيْ: السَّيِّدِ، كَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، أَوْ أَنْتَ عَتِيقٌ بَعْدَ مَوْتِي وَنَحْوِهِ (وَلَفْظُ تَدْبِيرٍ) كَأَنْتَ مُدَبَّرٌ (وَمَا يَتَصَرَّفُ مِنْهَا) ؛ أَيْ: الْعِتْقِ وَالْحُرِّيَّةِ الْمُعَلَّقَيْنِ بِمَوْتِهِ، وَالتَّدْبِيرُ (غَيْرُ أَمْرٍ) كَدَبِّرْ (وَ) غَيْرُ (مُضَارِعٍ) كَتَدَبَّرَ (وَ) غَيْرُ (اسْمِ فَاعِلٍ) كَمُدَبِّرٍ بِكَسْرِ الْبَاءِ (وَكِنَايَاتُ عِتْقٍ مُنَجَّزٍ تَكُونُ تَدْبِيرًا) ؛ أَيْ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute