فِي آخِرِ الْمُدَّةِ، فَإِذَا عَجَزَ عَادَ إلَى الرِّقِّ، وَفَاتَتْ مَنَافِعُهُ فِي مُدَّةِ الْكِتَابَةِ كُلِّهَا عَلَى السَّيِّدِ مِنْ غَيْرِ نَفْعٍ حَصَلَ لَهُ، وَإِذَا كَانَتْ مُنَجَّمَةً نُجُومًا، فَعَجَزَ عَنْ النَّجْمِ الْأَوَّلِ فَمُدَّتُهُ يَسِيرَةٌ، وَإِنَّ عَجَزَ عَمَّا بَعْدَهُ فَقَدْ حَصَلَ لِلسَّيِّدِ نَفْعٌ بِمَا أَخَذَ مِنْ النُّجُومِ قَبْلَ عَجْزِهِ (وَكَانَ الْأَوْلَى) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (تَغْلِيبُ حُكْمِ الصِّفَةِ أَيْضًا لِمَا تَقَدَّمَ) ، وَلِأَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ قَالُوا: إنَّ الْكِتَابَةَ الْفَاسِدَةَ تَعْلِيقٌ بِصِفَةٍ، فَلَا يُؤَثِّرُ فَسَادُهَا وَلَا تَحْرِيمُهَا، كَمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ أَعْطَيْتنِي خَمْرًا، فَأَنْتَ حُرٌّ، فَأَعْطَاهُ؛ عَتَقَ؛ لِوُجُودِ الصِّفَةِ (قَالَهُ) زَيْنُ الدِّينِ (بْنُ رَجَبٍ) فِي الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ.
(وَإِنْ كَاتَبَ ذِمِّيٌّ قِنَّهُ) وَأَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا، أَوْ لَمْ يُسْلِمَا (وَتَرَافَعَا إلَيْنَا، فَإِنْ كَانَتْ) الْكِتَابَةُ (صَحِيحَةً؛ أُقِرَّ الْعَقْدُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: ٤٨] (أَوْ) كَانَتْ الْكِتَابَةُ (فَاسِدَةً) مِثْلَ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ خَمْرًا وَنَحْوَهُ، وَقَدْ تُقَابِضَاهُ؛ أُقِرَّ الْعَقْدُ أَيْضًا، وَحَصَلَ الْعِتْقُ، سَوَاءٌ تَرَافَعَا إلَيْنَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَوْ بَعْدَهُ؛ لِلُزُومِهِ بِالتَّقَابُضِ، وَإِنْ تَقَابَضَاهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ؛ فَهِيَ كِتَابَةٌ فَاسِدَةٌ، وَتَقَدَّمَ حُكْمُهَا، وَإِنْ تَرَافَعَا (قَبْلَ تَقَابُضٍ) لِلْخَمْرِ وَنَحْوِهِ (أَبْطَلْنَاهُ) ؛ أَيْ: الْعَقْدَ كَسَائِرِ عُقُودِهِمْ الْفَاسِدَةِ، إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا قَبْلَ التَّقَابُضِ.
(تَتِمَّةٌ) : وَتَصِحُّ كِتَابَةُ الْحَرْبِيِّ لِرَقِيقِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَدَارِ الْإِسْلَامِ، كَكِتَابَةِ الذِّمِّيِّ وَسَائِرِ عُقُودِهِ، فَإِنْ دَخَلَا مُسْتَأْمَنَيْنِ إلَيْنَا لَمْ يَتَعَرَّضْ الْحَاكِمُ لَهُمَا؛ إلَّا أَنْ يَتَرَافَعَا إلَيْهِ، إنْ تَرَافَعَا إلَيْهِ، فَإِنْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ صَحِيحَةً أَلْزَمَهُمَا حُكْمَهَا، وَإِنْ دَخَلَا دَارَ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ قَهَرَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ؛ بَطَلَتْ الْكِتَابَةُ؛ لِأَنَّ دَارَ الْحَرْبِ دَارُ قَهْرٍ وَإِبَاحَةٍ، فَمَنْ قَهَرَ صَاحِبَهُ - وَلَوْ حُرًّا - قَهْرَ حُرًّا مَلَكَهُ. وَإِنْ دَخَلَا دَارَ الْإِسْلَامِ مِنْ غَيْرِ قَهْرٍ، ثُمَّ قَهَرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، لَمْ تَبْطُلْ الْكِتَابَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْقَهْرِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute