مَا دَامَ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ، وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا. قَالَ الْمَجْدُ: وَهُوَ أَصَحُّ، وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» .
وَرَوَى سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عُبَيْدَةَ قَالَ: خَطَبَ عَلِيٌّ النَّاسَ، فَقَالَ شَاوَرَنِي عُمَرُ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، فَرَأَيْت أَنَا وَعُمَرُ عِتْقَهُنَّ، فَقَضَى بِهِ عُمَرُ حَيَاتَهُ، وَعُثْمَانُ حَيَاتَهُ، فَلَمَّا وُلِّيت رَأَيْت فِيهِنَّ رَأْيًا قَالَ عُبَيْدَةُ: فَرَأْي عُمَرَ وَعَلِيٍّ فِي الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ رَأْيِ عَلِيٍّ وَحْدَهُ.
وَرَوَى عِكْرِمَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ: مَا مِنْ رَجُلٍ كَانَ يُقِرُّ أَنَّهُ يَطَأُ جَارِيَتَهُ، ثُمَّ يَمُوتُ إلَّا أَعْتَقْتهَا إذَا وَلَدَتْ، وَإِنْ كَانَ سَقْطًا.
فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ يَصِحُّ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ مَعَ مُخَالَفَةِ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ؟ قُلْنَا: قَدْ رُوِيَ عَنْهُمْ الرُّجُوعُ عَنْ الْمُخَالَفَةِ.
فَرَوَى عَبِيدَةُ قَالَ: بُعِثَ إلَى عَلِيٍّ وَإِلَى شُرَيْحٍ أَنْ اقْضُوا كَمَا كُنْتُمْ تَقْضُونَ، فَإِنِّي أَبْغَضُ الِاخْتِلَافَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: وَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ بِمَنْزِلَتِهَا، وَهُوَ الرَّاوِي لِحَدِيثِ عِتْقِهِنَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ عُمَرَ، فَيَدُلُّ عَلَى مُوَافَقَتِهِ لَهُمْ، ثُمَّ قَدْ ثَبَتَ الْإِجْمَاعُ بِاتِّفَاقِهِمْ قَبْلَ الْمُخَالَفَةِ، وَاتِّفَاقُهُمْ مَعْصُومٌ عَنْ الْخَطَأِ، فَإِنَّ الْأُمَّةَ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْلُوَ زَمَنٌ عَنْ قَائِمٍ لِلَّهِ بِحُجَّتِهِ، وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْعَصْرِ، لَجَازَ فِي جَمِيعِهِ، وَرَأْيُ الْمُوَافِقِ فِي زَمَنِ الِاتِّفَاقِ خَيْرٌ مِنْ رَأْيِهِ فِي الْخِلَافِ بَعْدَهُ، فَيَكُونُ الِاتِّفَاقُ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِ، فَإِنْ قِيلَ: فَلَوْ كَانَ الِاتِّفَاقُ فِي بَعْضِ الْعَصْرِ إجْمَاعًا حَرُمَتْ مُخَالِفَتُهُ، فَكَيْفَ خَالَفَهُ الْأَئِمَّةُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يَجُوزُ نِسْبَتُهُمْ إلَى ارْتِكَابِ الْحَرَامِ؟ قُلْنَا: الْإِجْمَاعُ يَنْقَسِمُ إلَى مَقْطُوعٍ بِهِ وَمَظْنُونٍ، وَهَذَا مِنْ الْمَظْنُونِ، فَيُمْكِنُ وُقُوعُ الْمُخَالَفَةِ مِنْهُمْ لَهُ مَعَ كَوْنِهِ حَجَّةً، كَمَا وَقَعَ مِنْهُمْ مُخَالَفَةُ النُّصُوصِ الظَّنِّيَّةِ، وَلَمْ تَخْرُجْ بِمُخَالِفَتِهِمْ عَنْ كَوْنِهَا حُجَّةً كَذَا هَاهُنَا، قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي " (أَوْ يُرَادُ لَهُ) ؛ أَيْ: لِنَقْلِ الْمِلْكِ (كَرَهْنٍ) فَلَا يَصِحُّ رَهْنُهَا؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الْبَيْعُ فِي الدَّيْنِ، وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ
(وَوَلَدُهَا) أَيْ: أُمِّ الْوَلَدِ الْحَادِثُ (مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا) إنْ أَتَتْ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute