حَرُمَ ابْتِدَاءُ النِّكَاحِ أَوْ جَازَ (وَإِنْ) تَزَوَّجَ (بِلَا ضَرُورَةٍ) فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْزِلَ (وُجُوبًا) لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّزَوُّجِ وَالتَّسَرِّي بِلَا ضَرُورَةٍ. قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": وَحَيْثُ حَرُمَ نِكَاحُهُ بِلَا ضَرُورَةٍ وَفِعْلٍ؛ وَجَبَ عَزْلُهُ، وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ (وَمُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ) أَيْ: الْأَصْحَابِ (جَوَازُ نِكَاحِ نَحْوِ آيِسَةٍ) كَصَغِيرَةٍ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: مِنْ أَجْلِ الْوَلَدِ، لِئَلَّا يُسْتَعْبَدَ. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
وَأَمَّا إنْ كَانَ فِي جَيْشِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَهُ أَنْ: يَتَزَوَّجَ؛ لِمَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ: أَنَّهُ بَلَغَهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوَّجَ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ أَبَا بَكْرٍ وَهُمْ تَحْتَ الرَّايَاتِ» رَوَاهُ سَعِيدٌ
، وَلِأَنَّ الْكُفَّارَ لَا يَدَ لَهُمْ عَلَيْهِ؛ أَشْبَهَ مَنْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ.
(وَسُنَّ) لِمَنْ أَرَادَ نِكَاحًا (تَخَيُّرُ ذَاتِ دِينٍ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاك» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، (وَ) ذَاتِ (عَقْلٍ) لَا حَمْقَاءَ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يُرَادُ لِلْعِشْرَةِ الْحَسَنَةِ وَلَا تَصْلُحُ الْعِشْرَةُ مَعَ الْحَمْقَاءِ، وَلَا يَطِيبُ مَعَهَا عَيْشٌ، وَرُبَّمَا تَعَدَّى ذَلِكَ إلَى وَلَدِهَا وَقَدْ قِيلَ: اجْتَنِبُوا الْحَمْقَاءَ؛ فَإِنَّ وَلَدَهَا ضَيَاعٌ وَصُحْبَتَهَا بَلَاءٌ، (وَ) أَنْ تَكُونَ مِنْ بَيْتٍ مَعْرُوفٍ بِالْ (قَنَاعَةِ) لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ دِينِهَا وَقَنَاعَتِهَا، (وَ) أَنْ تَكُونَ ذَاتَ (جَمَالٍ) لِأَنَّهُ أَسْكَنُ لِنَفْسِهِ، وَأَغَضُّ لِبَصَرِهِ، وَأَكْمَلُ لِمَوَدَّتِهِ، وَلِذَلِكَ جَازَ النَّظَرُ قَبْلَ النِّكَاحِ، وَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ؟ قَالَ: الَّتِي تَسُرُّهُ إذَا نَظَرَ إلَيْهَا، وَتُطِيعُهُ إذَا أَمَرَهَا، وَلَا تُخَالِفُهُ فِي نَفْسِهَا وَلَا فِي مَالِهِ بِمَا يَكْرَهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ. وَعَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «خَيْرُ فَائِدَةٍ أَفَادَهَا الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ بَعْدَ إسْلَامِهِ امْرَأَةٌ جَمِيلَةٌ تَسُرُّهُ إذَا نَظَرَ إلَيْهَا، وَتُطِيعُهُ إذَا أَمَرَهَا، وَتَحْفَظُهُ فِي غَيْبَتِهِ فِي مَالِهِ وَنَفْسِهَا» رَوَاهُ سَعِيدٌ (الْوَلُودُ) لِحَدِيثِ أَنَسٍ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . رَوَاهُ سَعِيدٌ. وَيُعْرَفُ كَوْنُ الْبِكْرِ وَلُودًا بِكَوْنِهَا مِنْ نِسَاءٍ يُعْرَفْنَ بِكَثْرَةِ الْأَوْلَادِ (الْحَسِيبَةُ) وَهِيَ طَيِّبَةُ الْأَصْلِ لِيَكُونَ وَلَدُهَا نَجِيبًا، فَإِنَّهُ رُبَّمَا أَشْبَهَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute