اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتُرنِي بِرِدَائِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إلَى الْحَبَشَةِ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلَمَّا «فَرَغَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ خُطْبَةِ الْعِيدِ مَضَى إلَى النِّسَاءِ فَذَكَّرَهُنَّ وَمَعَهُ بِلَالٌ، فَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ» . وَلِأَنَّهُنَّ لَوْ مُنِعْنَ النَّظَرَ لَوَجَبَ الْحِجَابُ عَلَى الرِّجَالِ كَمَا وَجَبَ عَلَى النِّسَاءِ؛ لِئَلَّا يَنْظُرْنَ إلَيْهِمْ. فَأَمَّا حَدِيثُ نَبْهَانَ عَنْ «أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: كُنْت قَاعِدَةً عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَا وَحَفْصَةُ، فَاسْتَأْذَنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَجِبَا مِنْهُ، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ ضَرِيرٌ لَا يُبْصِرُ، فَقَالَ: أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا، أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ» ؟ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. فَقَالَ أَحْمَدُ: نَبْهَانُ رَوَى حَدِيثَيْنِ عَجِيبَيْنِ، هَذَا الْحَدِيثُ، وَالْآخَرُ: «إذَا كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبًا فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ» . كَأَنَّهُ أَشَارَ إلَى ضَعْفِ حَدِيثِهِ، إذْ لَمْ يَرْوِ إلَّا هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ الْمُخَالِفَيْنِ لِلْأُصُولِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: نَبْهَانُ مَجْهُولٌ، لَا يُعْرَفُ إلَّا بِرِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثُ. وَحَدِيثُ فَاطِمَةَ صَحِيحٌ، فَالْحُجَّةُ بِهِ لَازِمَةٌ، ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنَّ حَدِيثَ نَبْهَانَ خَاصٌّ بِأَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ، قَالَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، لَكِنَّهُ يُعَارِضُ حَدِيثَ عَائِشَةَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ
(وَمُمَيِّزٌ لَا شَهْوَةَ لَهُ مَعَ امْرَأَةٍ كَامْرَأَةٍ) لِأَنَّهُ لَا شَهْوَةَ لَهُ؛ أَشْبَهَ الطِّفْلَ، وَلِأَنَّ الْمُحَرِّمَ لِلرُّؤْيَةِ فِي حَقِّ الْبَالِغِ كَوْنُهُ مَحَلًّا لِلشَّهْوَةِ، وَهُوَ مَعْدُومٌ هُنَا، وَمُمَيِّزٌ (ذُو شَهْوَةٍ مَعَهَا) أَيْ: الْمَرْأَةِ كَمُحَرَّمٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَّقَ بَيْنَ الْبَالِغِ وَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور: ٥٩] وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ النَّظَرُ لَمَّا كَانَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute