أَقْبَلَ يَفِرُّ كَفِرَارِهِ مِنْ الزَّحْفِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ الْأَوْقَاتِ الَّتِي تَغْلِبُ الْأَحْوَالُ عَلَى أَهْلِهَا، فَتَأْخُذُهَا عَنْ تَصَرُّفِ الطِّبَاعِ، مَا أَكْثَرَ الْخَطَرَ، مَا أَكْثَرَ الْغَلَطَ. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: وَسَمِعْته حِينَئِذٍ يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَمَعَهُ غُلَامٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، فَقَالَ لَهُ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: ابْنِي، فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ: لَا تَجِئْ بِهِ مَعَك مَرَّةً أُخْرَى، فَلَمَّا قَامَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَافِظُ: أَيَّدَ اللَّهُ الشَّيْخَ، إنَّهُ رَجُلٌ مَسْتُورٌ، وَابْنُهُ أَفْضَلُ مِنْهُ، فَقَالَ أَحْمَدُ: الَّذِي قَصَدْنَا لَهُ مِنْ هَذَا الْبَابِ لَيْسَ يَمْنَعُ مِنْهُ سِتْرُهُمَا، عَلَى هَذَا رَأَيْنَا أَشْيَاخَنَا، وَبِهِ أَخْبَرُونَا عَنْ أَشْيَاخِهِمْ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَمِعْت إبْرَاهِيمَ بْنَ هَانِئٍ يَقُولُ: سَمِعْت يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: مَا طَمِعَ أَمْرَدُ بِصُحْبَتِي وَلَا لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي طَرِيقٍ، وَعَنْ الْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ: لَا تُجَالِسُوا أَوْلَادَ الْأَغْنِيَاءِ، فَإِنَّ لَهُمْ صُوَرًا كَصُوَرِ النِّسَاءِ، وَهُمْ أَشَدُّ فِتْنَةً مِنْ الْعَذَارَى. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: النَّظَرُ إلَى الْمُرْدَانِ جَائِزٌ عَلَى طَرِيقِ الْجُمْلَةِ إذَا لَمْ تَعْرِضْ شَهْوَةٌ، وَلَمْ يُوقَظْ نَظَرُهُمْ مِنْ النَّفْسِ الْتِذَاذًا أَوْ مَيْلًا؛ لِكَوْنِ الشَّرْعِ لَمْ يَأْمُرْ؛ بِتَغْطِيَتِهِمْ، وَجَوَّزَ دُخُولَهُمْ وَخُرُوجَهُمْ، وَالِاجْتِمَاعَ بِالرِّجَالِ فِي الْحَمَّامَاتِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُجْعَلْ الشَّرْعُ مَبْنِيًّا عَلَى شَهَوَاتِ الْفُسَّاقِ، فَصَارَتْ الشَّهْوَةُ لَهُمْ كَمَنْ يَشْتَهِي الْبَهَائِمَ وَالرِّجَالَ. انْتَهَى، أَفَادَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ ".
(وَلَمْسٌ كَنَظَرٍ) فَيَحْرُمُ حَيْثُ يَحْرُمُ النَّظَرُ، (بَلْ) اللَّمْسُ (أَوْلَى) لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ النَّظَرِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ حِلِّ النَّظَرِ حِلُّ اللَّمْسِ كَالشَّاهِدِ وَنَحْوِهِ (وَكَرِهَ أَحْمَدُ مُصَافَحَةَ النِّسَاءِ، وَشَدَّدَ أَيْضًا حَتَّى لِمَحْرَمٍ، وَجَوَّزَهُ لِوَالِدٍ) قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ: وَمَحْرَمٌ (وَ) جُوِّزَ (أُخِذَ يَدِ عَجُوزٍ) وَفِي " الرِّعَايَةِ " (وَشَوْهَاءَ) ، (وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ مَعَ أَمْنِ فِتْنَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute