للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرَّقَ أَصْحَابُنَا هُنَا بَيْنَ الْوِتْرِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ. انْتَهَى. وَأَكْثَرُ الْوَاصِفِينَ لِتَهَجُّدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اقْتَصَرُوا عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَذَلِكَ هُوَ الْوِتْرُ، وَتَقَدَّمَ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ أَنَّ التَّهَجُّدَ بَعْدَ نَوْمٍ، وَعَلَيْهِ فَإِنْ نَامَ ثُمَّ أَوْتَرَ، فَتَهَجَّدَ وَوَتَرَ، وَإِنْ أَوْتَرَ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ فَوَتَرَ لَا تَهَجُّدَ.

(وَ) وَجَبَ عَلَيْهِ (سِوَاكٌ لِكُلِّ صَلَاةٍ) ، لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَمَرَ بِهِ لِكُلِّ صَلَاةٍ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ.

(وَ) وَجَبَ عَلَيْهِ (أُضْحِيَّةٌ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا، وَلَوْ عَبَّرَ بِالتَّضْحِيَةِ لَكَانَ أَوْلَى، لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ اسْمٌ لِلشَّاةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُضَحَّى بِهِ.

(وَ) وَجَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا (رَكْعَتَا فَجْرٍ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «ثَلَاثٌ كُتِبَتْ عَلَيَّ وَهُنَّ لَكُمْ تَطَوُّعٌ: الْوِتْرُ وَالنَّحْرُ وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ.

(وَ) وَجَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا (تَخْيِيرُ نِسَائِهِ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ - (بَيْنَ فِرَاقِهِ) طَلَبًا لِلدُّنْيَا (وَالْإِقَامَةِ مَعَهُ) طَلَبًا لِلْآخِرَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ} [الأحزاب: ٢٨] الْآيَتَيْنِ. وَلِئَلَّا يَكُونَ مُكْرِهًا لَهُنَّ عَلَى الصَّبْرِ عَلَى مَا آثَرَهُ لِنَفْسِهِ مِنْ الْفَقْرِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنْ تَعَوَّذَ مِنْ الْفَقْرِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ تَعَوُّذٌ مِنْ فِتْنَةِ فِتْنَتِهِ كَمَا تَعَوَّذَ مِنْ الْغِنَى وَتَعَوَّذَ مِنْ فَقْرِ الْقَلْبِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: «لَيْسَ الْغِنَى بِكَثْرَةِ الْعَرَضِ، وَإِنَّمَا الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ» .

«وَخَيَّرَهُنَّ، وَبَدَأَ مِنْهُنَّ بِعَائِشَةَ، فَاخْتَرْنَ الْمُقَامَ» .

(وَ) وَجَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا (إنْكَارُ مُنْكَرٍ رَآهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ) فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِالْخَوْفِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ وَعَدَهُ بِالْعِصْمَةِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَلَا إذَا كَانَ الْمُرْتَكِبُ يَزِيدُهُ الْإِنْكَارُ إغْرَاءً؛ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ إبَاحَتُهُ، بِخِلَافِ سَائِرِ الْأُمَّةِ. ذَكَرَهُ السَّمْعَانِيُّ فِي الْقَوَاطِعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>