وَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَقْضِيَ وَيُفْتِيَ (وَهُوَ غَضْبَانُ) ، (وَ) لَهُ أَنْ (يَحْكُمَ) لِنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ (وَيَشْهَدُ لِنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ، وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ) أَوْ لِوَلَدِهِ، لِحَدِيثِ خُزَيْمَةَ؛ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَشْهَدُ وَيَقْبَلُ وَيَحْكُمُ عَلَى عَدُوِّهِ وَبِإِبَاحَةِ الْحِمَى لِنَفْسِهِ، وَتَقَدَّمَ فِي (إحْيَاءِ الْمَوَاتِ) ؛ (وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ) أَيْ: الْأَصْحَابِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي " الْفُرُوعِ " (وُجُوبُ قَسْمٍ عَلَيْهِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ) وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ (كَغَيْرِهِ) قَالَ فِي " الْفُرُوعِ " وَذَكَرَهُ فِي " الْمُجَرَّدِ " وَ " الْفُنُونِ " وَ " الْفُصُولِ " انْتَهَى؛ لِقَوْلِهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ» . رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَرُوِيَ مُرْسَلًا وَهُوَ أَصَحُّ (وَابْنُ الْجَوْزِيِّ قَالَ: الْقَسْمُ غَيْرُ وَاجِبٍ) عَلَيْهِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْمُسَوَّدَةِ: وَأُبِيحَ لَهُ تَرْكُ الْقَسْمِ، قَسْمِ الِابْتِدَاءِ وَقَسْمِ الِانْتِهَاءِ. قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي فِي " الْجَامِعِ "
(وَجُعِلَ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: ٦] .
(وَيَلْزَمُ كُلَّ أَحَدٍ أَنْ يَقِيَهُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ) وَلَهُ طَلَبُ ذَلِكَ حَتَّى مِنْ الْمُحْتَاجِ، وَيَفْدِي بِمُهْجَتِهِ مُهْجَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فَإِنَّهُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَمِثْلُهُ لَوْ قَصَدَهُ ظَالِمٌ فَعَلَى مَنْ حَضَرَهُ أَنْ يَبْذُلَ نَفْسَهُ دُونَهُ.
(وَ) يَلْزَمُ كُلَّ أَحَدٍ (أَنْ يُحِبَّهُ أَكْثَرَ مِنْ نَفْسِهِ) - لِحَدِيثِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: «لَنْ يُؤْمِنَ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ مَحَبَّةُ الْإِجْلَالِ وَالتَّعْظِيمِ، لَا مَحَبَّةُ الشَّوْقِ النَّاشِئَةِ فِي الْغَالِبِ عَنْ الْعِشْقِ؛ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَتَشَوَّقُ لِمَحْبُوبِهِ وَوَلَدِهِ وَيَوْلَعُ بِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَّا الْإِجْلَالُ وَالتَّعْظِيمُ فَكُلُّ مُسْلِمٍ يُجِلُّهُ وَيُعَظِّمُهُ وُجُوبًا؛ وَيُقَدِّمُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ. أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَعْضِ تَعَالِيقِهِ - (وَ) أَكْثَرُ مِنْ (مَالِهِ وَوَلَدِهِ) وَوَالِدِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute