الصِّيَغِ مَعَ مَعْرِفَتِهِ لَهَا عَادِلٌ عَنْ اللَّفْظِ الَّذِي وَرَدَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مَعَ الْقُدْرَةِ. فَإِنْ قِيلَ: قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَّهُ زَوَّجَ رَجُلًا امْرَأَةً فَقَالَ: مُلِّكْتَهَا بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ؛ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ وَرَدَ فِيهِ: " زَوَّجْتُكَهَا " " وَزَوَّجْنَاكَهَا "، وَ " أَنْكَحْتُكَهَا " مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ جَمَعَ بَيْنَ الْأَلْفَاظِ، أَوْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الرَّاوِيَ وَرَّى بِالْمَعْنَى ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، أَوْ يَكُونَ خَاصًّا بِهِ، وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ لَا يَبْقَى حُجَّةٌ.
(وَإِنْ فَتَحَ وَلِيٌّ تَاءَ زَوَّجْتُك صَحَّ) النِّكَاحُ (لِجَاهِلٍ) بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ؛ أَيْ: صَحَّ مِنْهُ، وَصَحَّ أَيْضًا (مِنْ عَاجِزَةٍ) عَنْ النُّطْقِ بِضَمِّ التَّاءِ، قَالَ فِي " شَرْحِ الْمُنْتَهَى ": هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ ": يَصِحُّ جَهْلًا أَوْ عَجْزًا، وَقَطَعَ بِهِ فِي " الْإِقْنَاعِ ". قِيلَ: وَمِنْ عَالِمٍ بِالْعَرَبِيَّةِ قَادِرٍ عَلَى النُّطْقِ بِضَمِّ التَّاءِ أَوْ لَا. أَفْتَى بِهِ الْمُوَفَّقُ، وَتَوَقَّفَ فِي الْمَسْأَلَةِ نَاصِحُ الْإِسْلَامِ ابْنُ أَبِي الْفَهْمِ مِنْ أَصْحَابِنَا. وَمِثْلُهُ لَوْ قَالَ الزَّوْجُ قَبِلْت بِفَتْحِ التَّاءِ.
(وَقَالَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ (يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِمَا عَدَّهُ النَّاسُ نِكَاحًا بِأَيِّ لُغَةٍ وَلَفْظٍ كَانَ) وَأَنَّ مِثْلَهُ كُلُّ عَقْدٍ، فَيَنْفُذُ الْبَيْعُ؛ بِمَا عَدَّهُ النَّاسُ بَيْعًا بِأَيِّ لُغَةٍ وَلَفْظٍ كَانَ، وَالْإِجَارَةُ بِمَا عَدَّهُ النَّاسُ إجَارَةً بِأَيِّ لُغَةٍ وَلَفْظٍ كَانَ؛ وَهَكَذَا. وَقَالَ أَيْضًا: إنَّ الشَّرْطَ بَيْنَ النَّاسِ مَا عَدُوُّهُ شَرْطًا. (وَيَصِحُّ) إيجَابٌ بِلَفْظِ زُوِّجَتْ بِضَمِّ الزَّايِ وَفَتْحِ التَّاءِ لِحُصُولِ الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ بِهِ، لَا جَوَّزْتُك بِتَقْدِيمِ الْجِيمِ، وَشَرْطٌ فِي قَبُولِ لَفْظِ قَبِلْت، أَوْ لَفْظِ رَضِيت، أَوْ لَفْظِ تَزَوَّجْت. وَسُئِلَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ عَنْ رَجُلٍ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَقُولَ إلَّا قَبِلْت تَجْوِيزَهَا بِتَقْدِيمِ الْجِيمِ، فَأَجَابَ بِالصِّحَّةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: جَوْزَتِي طَالِقٌ؛ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ. قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ " قُلْت: يُكْتَفَى مِنْهُ بِقَوْلِهِ: قَبِلْت عَلَى مَا يَأْتِي، وَيَكُونُ هَذَا قَوْلُ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ.
(وَإِنْ قِيلَ) أَيْ: قَالَ الْخَاطِبُ (لِمُزَوِّجٍ: أَزَوَّجْت) مُوَلِّيَتَك (فَقَالَ) الْمُزَوِّجُ (نَعَمْ، وَ) قَالَ الْخَاطِبُ (لِمُتَزَوِّجٍ: أَقَبِلْت) النِّكَاحَ (فَقَالَ) الْمُتَزَوِّجُ (نَعَمْ؛ صَحَّ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute