إذْنُهَا) لِمَا فِيهَا مِنْ الْحُرِّيَّةِ، (وَ) يُعْتَبَرُ (إذْنُ مُعْتِقِهَا الذَّكَرِ وَإِذْنِ مَالِكِ الْبَقِيَّةِ) الَّتِي لَمْ تُعْتَقْ (كَالشَّرِيكَيْنِ) فِي أَمَةٍ فَيُعْتَبَرُ فِي نِكَاحِهَا إذْنُهُمَا (وَيَقُولُ كُلٌّ) مِنْ مَعْتُوقٍ وَمَالِكِ الْبَقِيَّةِ، أَوْ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمُشْتَرَكَةِ (حَيْثُ لَا تَوْكِيلَ) مِنْ وَاحِدٍ لِلْآخَرِ (زَوَّجْتُكهَا؛ فَلَا يَصِحُّ) أَنْ يَقُولَ: (زَوَّجْتُك بَعْضَهَا) لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَقْبَلُ التَّشْقِيصَ وَالتَّجَزُّؤَ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، وَهَلْ يُعْتَبَرُ اتِّحَادُ زَمَنِ الْإِيجَابِ مِنْهُمَا، أَوْ يَجُوزُ تَرَتُّبُهُمَا، فِيهِ نَظَرٌ، قَالَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ. قَالَ فِي " شَرْحِ الْإِقْنَاعِ ": قُلْت: الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ تَرَتُّبُهُمَا فِيهِ مَا دَامَا فِي الْمَجْلِسِ، وَلَمْ يَتَشَاغَلَا بِمَا يَقْطَعُهُ عُرْفًا، وَفِي اعْتِبَارِ اتِّحَادِهِ حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ.
الشَّرْطُ (الثَّالِثُ) مِنْ شُرُوطِ النِّكَاحِ (الْوَلِيُّ) نَصًّا (إلَّا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: ٦] وَالْأَصْلُ فِي اشْتِرَاطِ الْوَلِيِّ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى مَرْفُوعًا: «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيَّ، وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ. قَالَهُ المروذي؛ وَقَالَ: سَأَلْت أَحْمَدَ وَيَحْيَى عَنْ حَدِيثِ: «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ» ، فَقَالَا: صَحِيحٌ، وَهُوَ لِنَفْيِ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ، لَا اللُّغَوِيَّةِ، بِدَلِيلِ مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكِحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا؛ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنَاكِحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، فَإِنْ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ. لَا يُقَالُ: يُمْكِنُ حَمْلُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى عَلَى نَفْيِ الْكَمَالِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الشَّارِعِ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَقَائِقِ الشَّرْعِيَّةِ؛ أَيْ: لَا نِكَاحَ شَرْعِيٌ أَوْ مَوْجُودٌ فِي الشَّرْعِ إلَّا بِوَلِيٍّ، وَأَمَّا الْآيَةُ فَالنَّهْيُ عَنْ الْعَضْلِ عَمَّ الْأَوْلِيَاءَ، وَنَهْيُهُمْ عَنْهُ دَلِيلٌ عَلَى اشْتِرَاطِهِمْ؛ إذْ الْعَضَلُ لُغَةً: الْمَنْعُ، وَهُوَ شَامِلٌ لِلْعَضْلِ الْحِسِّيِّ وَالشَّرْعِيِّ، «ثُمَّ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ حِينَ امْتَنَعَ مِنْ تَزْوِيجِ أُخْتِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute