لِلْأَبْعَدِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاجَعَتِهِ لَهَا بَعْدَ انْتِقَالِ الْوِلَايَةِ.
(فَلَوْ وَكَّلَ وَلِيُّ) غَيْرِ مُجْبَرَةٍ فِي تَزْوِيجِهَا (بِلَا إذْنِهَا ثُمَّ أَذِنَتْ لِوَكِيلِهِ) أَيْ: وَكِيلِ وَلِيِّهَا فِي تَزْوِيجِهَا، فَزَوَّجَهَا (صَحَّ) النِّكَاحُ وَلَوْ لَمْ تَأْذَنْ لِلْوَلِيِّ فِي التَّزْوِيجِ أَوْ التَّوْكِيلِ، لِقِيَامِ وَكِيلِهِ مَقَامَهُ (وَيُشْتَرَطُ فِي وَكِيلِ وَلِيٍّ مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ: الْوَلِيِّ، مِنْ ذُكُورَةٍ وَبُلُوغٍ وَعَقْلٍ وَعَدَالَةٍ وَرُشْدٍ وَغَيْرِهَا، لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُبَاشِرَهَا غَيْرُ أَهْلِهَا، وَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَمْلِكْ تَزْوِيجَ مُوَلِّيَتِهِ أَصَالَةً فَلِئَلَّا يَمْلِكَ تَزْوِيجَ مُوَلِّيَةِ غَيْرِهِ بِالتَّوْكِيلِ أَوْلَى.
(وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ فَاسِقٍ) فِي قَبُولِ نِكَاحٍ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ قَبُولُهُ لِنَفْسِهِ، فَصَحَّ لِغَيْرِهِ (وَكَذَا كِتَابِيٌّ) وَكَّلَهُ مُسْلِمٌ (فِي قَبُولِ) نِكَاحِ (كِتَابِيَّةٍ) لِصِحَّةِ قَبُولِ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ.
(وَيَصِحُّ تَوْكِيلٌ) مِنْ وَلِيٍّ فِي إيجَابِ النِّكَاحِ تَوْكِيلًا (مُطْلَقًا) وَيَصِحُّ إذْنُهَا لِوَلِيِّهَا فِي الْعَقْدِ إذْنًا مُطْلَقًا؛ كَقَوْلِهَا لِوَلِيِّهَا: زَوِّجْ مَنْ شِئْت أَوْ مَنْ تَرْضَاهُ، وَقَوْلُ وَلِيٍّ لِوَكِيلِهِ (زَوِّجْ مَنْ شِئْت) أَوْ مَنْ تَرْضَاهُ، رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْعَرَبِ تَرَكَ ابْنَتَهُ عِنْدَ عُمَرَ، وَقَالَ: إذَا وَجَدْت كُفْئًا فَزَوِّجْهُ وَلَوْ بِشِرَاكِ نَعْلِهِ، فَزَوَّجَهَا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ؛ فَهِيَ أُمُّ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، وَاشْتُهِرَ ذَلِكَ، فَلَمْ يُنْكَرْ، وَكَالتَّوْكِيلِ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ (وَيَتَقَيَّدُ) الْوَلِيُّ إذَا أَذِنَتْ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا، وَأَطْلَقَتْ بِالْكُفْءِ؛ وَكَذَلِكَ وَكِيلُهُ الْمُطْلَقُ يَتَقَيَّدُ (بِالْكُفْءِ) وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ.
قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: فِي " شَرْحِ الْمُحَرَّرِ "؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يُحْمَلُ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ فِيهِ.
(وَلَا يَمْلِكُ) وَكِيلٌ بِالتَّوْكِيلِ الْمُطْلَقِ (أَنْ يُزَوِّجَهَا لِنَفْسِهِ) كَالْوَكِيلِ فِي الْبَيْعِ لَا يَبِيعُ لِنَفْسِهِ، وَكَذَا الْوَلِيُّ، إذَا أَذِنَتْ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَأَطْلَقَتْ، فَلَا يَمْلِكُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، لِأَنَّ إطْلَاقَ الْإِذْنِ يَقْتَضِي تَزْوِيجَهَا غَيْرَهُ. قَطَعَ بِهِ فِي " الشَّرْحِ " " وَالْمُبْدِعِ " فِي آخِرِ تَوَلِّي طَرَفَيْ الْعَقْدِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ.
(وَيَجُوزُ) لِلْوَكِيلِ الْمُطْلَقِ وَلِلْوَلِيِّ إذَا أَذِنَتْ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا، وَأَطْلَقَتْ أَنْ يُزَوِّجَهَا (لِوَلَدِهِ) وَوَالِدِهِ وَأَخِيهِ وَنَحْوِهِمْ إذَا كَانَ كُفْئًا؛ لِتَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُمْ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فِي الْبَيْعِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُ لِمَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ، لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ رُكْنٌ فِي الْبَيْعِ، بِخِلَافِ الصَّدَاقِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute