(أَوْ قَالَ: قَدْ أَعْتَقْتُهَا، وَجَعَلْت عِتْقَهَا صَدَاقَهَا، أَوْ قَالَ: أَعْتَقْتهَا عَلَى أَنَّ عِتْقَهَا صَدَاقُهَا، أَوْ قَالَ: أَعْتِقُك عَلَى أَنْ أَتَزَوَّجَك وَعِتْقِي) صَدَاقُك (أَوْ عِتْقُك صَدَاقُك؛ صَحَّ) الْعِتْقُ وَالنِّكَاحُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ وَتَزَوَّجْتُك أَوْ) لَمْ يَقُلْ: وَ (تَزَوَّجْتهَا) لِتَضَمُّنِ قَوْلِهِ: وَجَعَلْت عِتْقَهَا وَنَحْوَهُ صَدَاقَهَا، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى أَنَسٌ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْتَقَ صَفِيَّةَ، وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ. وَرَوَى الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ «صَفِيَّةَ قَالَتْ: أَعْتَقَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَعَلَ عِتْقِي صَدَاقِي» . وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ أُمَّ وَلَدِهِ فَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا؛ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَفَعَلَهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَلِأَنَّ الْعِتْقَ يَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى النِّكَاحِ لِيَصِحَّ، وَقَدْ شَرَطَهُ صَدَاقًا، فَتَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعِتْقِ عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ لِيَكُونَ الْعِتْقُ صَدَاقًا فِيهِ، وَقَدْ ثَبَتَ الْعِتْقُ؛ فَيَصِحُّ النِّكَاحُ (إنْ كَانَ) الْكَلَامُ (مُتَّصِلًا حَقِيقَةً) بِأَنْ لَمْ يَسْكُتْ بَعْدَ قَوْلِهِ أَعْتَقْتُك سُكُوتًا يُمْكِنُهُ التَّكَلُّمُ فِيهِ، أَوْ يَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ، ثُمَّ يَقُولُ: وَجَعَلْت عِتْقَك صَدَاقَك، فَإِنْ فَعَلَ؛ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِالْعِتْقِ حُرَّةً، فَيَحْتَاجُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِرِضَاهَا بِصَدَاقٍ جَدِيدٍ، (أَوْ) كَانَ الْكَلَامُ مُتَّصِلًا (حُكْمًا) فَلَوْ قَالَ: أَعْتَقْتُك، ثُمَّ ذَرَعَهُ قَيْءٌ أَوْ سُعَالٌ أَوْ عُطَاسٌ، ثُمَّ قَالَ: وَجَعَلْت عِتْقَك صَدَاقَك؛ صَحَّ، وَلَا يُعَدُّ مَا نَابَهُ مِنْ ذَلِكَ فَاصِلًا، وَلَوْ طَالَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِاخْتِيَارِهِ، وَلَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا، وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ إنْ كَانَ (بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ) نَصًّا؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ» . ذَكَرَهُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ، (وَ) كَانَ حِينَهُ (قَصَدَ بِالْعِتْقِ جَعْلَهُ) أَيْ: الْعِتْقِ (صَدَاقًا) لِمَا فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ إذَا قَالَ: أَجْعَلُ عِتْقَك صَدَاقَك، أَوْ صَدَاقَك عِتْقَك، كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ إذَا كَانَتْ لَهُ نِيَّةٌ.
(وَيَصِحُّ جَعْلُ صَدَاقِ مَنْ بَعْضُهَا حُرٌّ، عِتْقُ الْبَعْضِ الْآخَرِ) إنْ أَذِنَتْ هِيَ، وَمُعْتِقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute