ذَلِكَ الدَّلِيلَ، وَقَوْلُهُمْ: إنَّ هَذَا يُحَرِّمُ الْحَلَالَ، لَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لِلْمَرْأَةِ إذَا لَمْ يَفِ بِهِ خِيَارُ الْفَسْخِ، وَقَوْلُهُمْ: إنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ، مَمْنُوعٌ؛ فَإِنَّهُ مِنْ مَصْلَحَةِ الْمَرْأَةِ، وَمَا كَانَ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَاقِدِ؛ كَانَ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ، كَاشْتِرَاطِ الرَّهْنِ فِي الْبَيْعِ (فَإِنْ لَمْ يَفِ) زَوْجٌ لَهَا بِمَا شَرَطَتْهُ (فَلَهَا الْفَسْخُ) لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ عُمَرَ، وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ لَازِمٌ فِي عَقْدٍ، فَثَبَتَ حَقُّ الْفَسْخِ بِتَرْكِ الْوَفَاءِ بِهِ كَالرَّهْنِ وَالضَّمِينِ فِي الْبَيْعِ (عَلَى التَّرَاخِي) لِأَنَّهُ خِيَارٌ يَثْبُتُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ؛ أَشْبَهَ خِيَارَ الْقِصَاصِ.
وَحَيْثُ قُلْنَا: لَهَا الْفَسْخُ، فَإِنَّهَا تَفْسَخُ (بِفِعْلِهِ) أَيْ: الزَّوْجِ مَا شَرَطَتْ عَلَيْهِ الزَّوْجَةُ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ كَالتَّزَوُّجِ وَالتَّسَرِّي وَالسَّفَرِ بِهَا، وَ (لَا) تَمْلِكُ الْفَسْخَ (بِعَزْمِهِ) عَلَى الْفِعْلِ قَبْلَهُ، لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُخَالَفَةِ. (وَلَا يَسْقُطُ) خِيَارُهَا (إلَّا بِمَا يَدُلُّ عَلَى رِضًى مِنْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ تَمْكِينٍ) مِنْ نَفْسِهَا (مَعَ الْعِلْمِ بِعَدَمِ وَفَائِهِ بِمَا شَرَطَ) أَنْ لَا يَفْعَلَهُ، فَإِنْ مَكَّنَتْهُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ، لَمْ يَسْقُطْ لِفَسْخِهَا، لِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهَا بِتَرْكِ الْوَفَاءِ فَلَا أَثَرَ لَهُ كَإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَإِذَا شَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ أَوْ لَا يَتَسَرَّى عَلَيْهَا، فَفَعَلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَبْلَ أَنْ تَفْسَخَ طَلَّقَ أَوْ بَاعَ. قَالَ فِي " الِاخْتِيَارَاتِ: " قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ الْفَسْخَ.
فَائِدَةٌ: وَلَا تَلْزَمُ هَذِهِ الشُّرُوطُ إلَّا فِي النِّكَاحِ الَّذِي شُرِطَتْ فِيهِ، فَإِنْ بَانَتْ مِنْهُ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا؛ لَمْ تَعُدْ الشُّرُوطُ؛ لِأَنَّ زَوَالَ الْعَقْدِ زَوَالٌ لِمَا هُوَ مُرْتَبِطٌ بِهِ.
(وَيَتَّجِهُ: وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ بِيَمِينِهَا (فِي عَدَمِ عِلْمِهَا) بِفِعْلِهِ مَا شَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا (وَ) يُقْبَلُ قَوْلُهَا أَيْضًا فِي (نَفْيِ تَمْكِينٍ) مِنْ نَفْسِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَخْفَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute