(وَمَنْ تَزَوَّجَتْ رَجُلًا عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ، أَوْ تَظُنُّهُ حُرًّا؛ فَبَانَ قِنًّا؛ فَلَهَا الْخِيَارُ) بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ نَصًّا، أَمَّا الْحُرَّةُ فَلِأَنَّهَا إذَا مَلَكَتْ الْفَسْخَ لِلْحُرِّيَّةِ الطَّارِئَةِ فَلِلسَّابِقَةِ أَوْلَى، وَأَمَّا الْأَمَةُ فَلِأَنَّهَا مَغْرُورَةٌ بِحُرِّيَّةِ مَنْ لَيْسَ بِحُرٍّ، أَشْبَهَتْ الْحُرَّةَ وَالْعَبْدَ الْمَغْرُورَ، وَعُلِمَ مِنْهُ صِحَّةُ النِّكَاحِ، لِأَنَّ اخْتِلَافَ الصِّفَاتِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْعَقْدِ؛ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ أَمَةً عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ، وَهَذَا إذَا كَمُلَتْ شُرُوطُ النِّكَاحِ، وَكَانَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، فَإِنْ اخْتَارَتْ الْحُرَّةُ الْإِمْضَاءَ فَلِأَوْلِيَائِهَا الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهَا، لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ، وَإِنْ اخْتَارَتْ الْفَسْخَ فَلَهَا ذَلِكَ (بِلَا حُكْمِ) حَاكِمٍ، كَمَا لَوْ كَانَتْ عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ، وَإِنْ غَرَّهَا بِنَسَبٍ فَبَانَ دُونَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ مُخِلًّا بِالْكَفَاءَةِ بِأَنْ غَرَّهَا بِأَنَّهُ عَرَبِيٌّ، فَبَانَ عَجَمِيًّا؛ فَلَهَا الْخِيَارُ، وَإِنْ لَمْ يُخِلَّ ذَلِكَ بِالْكَفَاءَةِ؛ فَلَا خِيَارَ لَهَا؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ شَرَطَتْهُ فَقِيهًا، فَبَانَ بِخِلَافِهِ.
(وَإِنْ شَرَطَتْ) زَوْجَةٌ فِي زَوْجٍ (صِفَةً) غَيْرَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ مِمَّا لَا تُعْتَبَرُ (فِي الْكَفَاءَةِ) كَكَوْنِهِ جَمِيلًا أَوْ نَسِيبًا أَوْ عَفِيفًا وَنَحْوَهُ (فَبَانَ أَقَلَّ) مِنْهَا (فَلَا فَسْخَ لَهَا) ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ؛ أَشْبَهَ شَرْطَهَا طُولَهُ أَوْ قِصَرَهُ (إلَّا بِشَرْطِ حُرِّيَّةٍ) أَيْ: إذَا اشْتَرَطَتْهُ حُرًّا، فَبَانَ عَبْدًا، فَلَهَا الْفَسْخُ كَمَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً وَعَتَقَتْ تَحْتَهُ فَهَاهُنَا أَوْلَى (وَنَحْوُهَا) كَشَرْطِهَا فِيهِ صِفَةً يُخِلُّ فَقْدُهَا بِالْكَفَاءَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. تَتِمَّةٌ
: وَكُلُّ مَوْضِعٍ حُكِمَ فِيهِ بِفَسَادِ الْعَقْدِ فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَا مَهْرَ، وَبَعْدَهُ، فَلَهَا الْمُسَمَّى قَالَهُ فِي " الْإِنْصَافِ " وَكُلُّ مَوْضِعٍ فُسِخَ فِيهِ النِّكَاحُ مَعَ صِحَّتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لَهَا، لِحُصُولِ الْفَسْخِ مِنْهَا أَوْ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهَا، وَبَعْدَ الدُّخُولِ أَوْ الْخَلْوَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُقَرِّرُهُ، يَجِبُ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ لِتَقَرُّرِهِ، وَلِأَنَّهُ فَسْخٌ طَرَأَ عَلَى نِكَاحٍ، فَأَشْبَهَ الطَّلَاقَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute