بَلْ يُفْسَخُ فِي الْحَالِ (وَلَوْ حَدَثَ) ذَلِكَ (بَعْدَ دُخُولٍ) ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ فِي النِّكَاحِ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ مُقَارِنًا، فَأَثْبَتَهُ طَارِئًا كَالْإِعْسَارِ؛ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ، فَحُدُوثُ الْعَيْبِ بِهَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ كَالْإِجَارَةِ. (وَيَتَّجِهُ: وَ) تَظْهَرُ (فَائِدَتُهُ) أَيْ: الْفَسْخِ (مِنْ جِهَتِهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ (إذَا كَانَ لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا) أَوْ مَجْنُونَةٍ أَوْ عَفْلَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ؛ أَيْ: فَلَهُ الْفَسْخُ فِي الْحَالِ (وَعَكْسُهُ) كَأَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ صَغِيرًا، وَلَوْ دُونَ عَشَرٍ، وَبِهِ عَيْبٌ مُسَوِّغٌ لِلْفَسْخِ كَجُنُونٍ أَوْ جُذَامٍ أَوْ بَرَصٍ؛ فَلَهَا الْفَسْخُ فِي الْحَالِ؛ لِوُجُودِ سَبَبِهِ، وَلَا يُنْتَظَرُ وَقْتُ إمْكَانِ الْوَطْءِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ بِحَالِهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. مُصَرَّحٌ بِهِ فِي " الْإِقْنَاعِ ".
(أَوْ) أَيْ: وَلَوْ (كَانَ بِالْفَاسِخِ عَيْبٌ مِثْلُهُ) أَيْ: الْعَيْبِ الَّذِي فَسَخَ بِهِ؛ لِوُجُودِ سَبَبِهِ كَمَا لَوْ غُرَّ عَبْدٌ بِأَمَةٍ، لِأَنَّهُ قَدْ يَأْنَفُ مِنْ عَيْبِ غَيْرِهِ، وَلَا يَأْنَفُ مِنْ عَيْبِ نَفْسِهِ، (أَوْ) كَانَ بِالْفَاسِخِ عَيْبٌ (مُغَايِرٌ لَهُ) أَيْ لِلْعَيْبِ الَّذِي فَسَخَ بِهِ كَالْأَجْذَمِ يَجِدُ الْمَرْأَةَ بَرْصَاءَ وَنَحْوَهُ؛ فَيَثْبُتُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْخِيَارُ (إلَّا مَعَ جَبِّهِ) أَيْ: الزَّوْجِ (وَرَتْقِهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ (فَلَا يَنْبَغِي) لِأَحَدِهِمَا (ثُبُوتُ خِيَارٍ قَالَهُ الْمُوَفَّقُ) وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ " الْمُبْدِعِ "؛ لِأَنَّ عَيْبَهُ لَيْسَ هُوَ الْمَانِعَ لِصَاحِبِهِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ لِعَيْبِ نَفْسِهِ.
وَ (لَا) يَثْبُتُ خِيَارٌ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ (بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ) مِنْ الْعُيُوبِ (بِلَا شَرْطٍ) فَإِنْ كَانَ شَرْطٌ مِنْ الزَّوْجِ عُمِلَ بِهِ (كَعَوَرٍ وَعَرَجٍ وَقَطْعِ يَدٍ وَ) قَطْعِ (رِجْلٍ وَعَمًى وَخَرَسٍ وَطَرَشٍ) وَقَرْعٍ لَا رِيحَ لَهُ (وَكَوْنُ أَحَدِهِمَا عَقِيمًا أَوْ نِضْوًا) أَيْ: نَحِيفًا جِدًّا أَوْ سَمِينًا جِدًّا وَكَشَيْخٍ، وَرَائِحَةِ إبْطٍ وَلَوْ مُنْكَرَةً، لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِمْتَاعَ، وَلَا يُخْشَى تَعَدِّيهِ (خِلَافًا لِابْنِ الْقَيِّمِ) فَإِنَّهُ قَالَ فِي " الْهَدْيِ " فِيمَنْ بِهِ عَيْبٌ كَقَطْعِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ عَمًى أَوْ خَرَسٍ أَوْ طَرَشٍ وَكُلُّ عَيْبٍ يُنَفِّرُ الزَّوْجَ الْآخَرَ مِنْهُ، وَلَا يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودُ النِّكَاحِ مِنْ الْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ: يُوجِبُ الْخِيَارَ، وَإِنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute