(وَيَصِحُّ) الْفَسْخُ مِنْ الْمَرْأَةِ حَيْثُ مَلَكَتْهُ (مَعَ غَيْبَةِ زَوْجٍ) كَفَسْخِ مُشْتَرٍ بَيْعًا لِعَيْبٍ مَعَ غَيْبَةِ بَائِعٍ، وَالْأُولَى أَنْ يَكُونَ الْفَسْخُ مَعَ حُضُورِ الزَّوْجِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ فِي غَيْبَتِهِ، وَالْفَسْخُ لَا يُنْقِصُ عَدَدَ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَلَاقٍ، وَلِلزَّوْجِ إعَادَتُهَا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ، وَتَكُونُ عِنْدَهُ عَلَى طَلَاقٍ ثَلَاثٍ حَيْثُ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ طَلَاقٌ، وَكَذَا سَائِرُ الْفُسُوخِ كَالْفَسْخِ لِإِعْسَارِهِ بِالصَّدَاقِ أَوْ بِالنَّفَقَةِ، وَفَسْخِ الْحَاكِمِ عَلَى الْمَوْلَى بِشَرْطِهِ، إلَّا فُرْقَةَ اللِّعَانِ، فَإِنَّ الْمُلَاعَنَةَ تَحْرُمُ أَبَدًا كَمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ فَسَخَ) النِّكَاحَ (قَبْلَ دُخُولٍ، فَلَا مَهْرَ لَهَا وَلَا مُتْعَةَ) ، سَوَاءٌ كَانَ الْفَسْخُ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ، لِأَنَّ الْفَسْخَ إنْ كَانَ مِنْهَا فَالْفُرْقَةُ مِنْ جِهَتِهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْهُ فَإِنَّمَا فَسْخٌ لِعَيْبٍ بِهَا دَلَّسَتْهُ عَلَيْهِ بِالْإِخْفَاءِ، فَصَارَ الْفَسْخُ كَأَنَّهُ مِنْهَا. (وَلَهَا) أَيْ: لِزَوْجَةٍ فَسَخَتْ لِعَيْبِ زَوْجِهَا، أَوْ فَسَخَ لِعَيْبِهَا (بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ الدُّخُولِ أَوْ خَلْوَةٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُقَرِّرُ الْمَهْرَ كَلَمْسٍ لِشَهْوَةٍ وَتَقْبِيلِهَا بِحَضْرَةِ النَّاسِ (الْمُسَمَّى) لِأَنَّهُ نِكَاحٌ صَحِيحٌ وُجِدَ بِأَرْكَانِهِ وَشُرُوطِهِ، فَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الصِّحَّةِ (وَكَمَا لَوْ طَرَأَ الْعَيْبُ بَعْدَ دُخُولٍ) لِأَنَّ الْمَهْرَ يَجِبُ بِالْعَقْدِ، وَيَسْتَقِرُّ بِالدُّخُولِ فَلَا يَسْقُطُ بِحَادِثٍ بَعْدَهُ، وَلِذَلِكَ لَا يَسْقُطُ بِرِدَّتِهَا، وَلَا يُفْسَخُ مِنْ جِهَتِهَا. (وَيَرْجِعُ) زَوْجٌ (بِهِ) أَيْ: بِنَظِيرِ مُسَمًّى غَرِمَهُ لَا إنْ أُبْرِئَ مِنْهُ (عَلَى مُغْرٍ لَهُ مِنْ زَوْجَةٍ عَاقِلَةٍ) وَشَرَطَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدٌ فَخْرُ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ الْحَرَّانِيِّ مَعَ ذَلِكَ كَوْنَ الزَّوْجَةِ بَالِغَةً وَقْتَ عَقْدٍ (لِيُوجَدَ) مِنْهَا (تَغْرِيرٌ مُحَرَّمٌ) إذْ الصَّغِيرَةُ لَا تُنْسَبُ أَفْعَالُهَا إلَى التَّحْرِيمِ (وَوَلِيٍّ وَوَكِيلٍ) رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ عُمَرَ، وَكَمَا لَوْ غُرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ. قَالَ أَحْمَدُ: كُنْت أَذْهَبُ إلَى قَوْلِ عَلِيٍّ فَهِبْته، فَمِلْت إلَى قَوْلِ عُمَرَ إذَا تَزَوَّجَهَا فَرَأَى جُذَامًا أَوْ بَرَصًا، فَإِنَّ لَهَا صَدَاقَهَا بِمَسِيسِهِ إيَّاهَا، وَوَلِيُّهَا ضَامِنٌ لِلصَّدَاقِ؛ أَيْ: لِأَنَّهُ غَرَّهُ بِمَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ فِي النِّكَاحِ، فَكَانَ الْمَهْرُ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ غَرَّهُ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ، فَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ عَلِمَ؛ غَرِمَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ، فَالتَّغْرِيرُ مِنْ الْمَرْأَةِ، فَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ، قَالَهُ فِي " شَرْحِ الْمُنْتَهَى " (فَأَيُّهُمْ انْفَرَدَ) مِنْ زَوْجَةٍ وَوَلِيٍّ وَوَكِيلٍ (بِالْغَرَرِ؛ ضَمِنَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute