للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهِيَ عِنْدَهُ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ طَلَاقِهَا، سَوَاءٌ أَعَادَهَا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ غَيْرَهُ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْمُسْلِمِ، وَإِنْ ظَاهَرَ مِنْهَا، ثُمَّ أَسْلَمَا، فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ بِالْوَطْءِ فِيهِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ (لَكِنْ يُقِرُّونَ عَلَى أَنْكِحَةٍ مُحَرَّمَةٍ مَا اعْتَقَدُوا حِلَّهَا) أَيْ: إبَاحَتَهَا؛ لِأَنَّ مَا لَا يَعْتَقِدُونَ حِلَّهُ لَيْسَ مِنْ دِينِهِمْ، فَلَا يَقَرُّونَ عَلَيْهِ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ (وَلَمْ يَتَرَافَعُوا إلَيْنَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: ٤٢] فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ يُخَلُّونَ وَأَحْكَامَهُمْ إذَا لَمْ يَجِيئُوا إلَيْنَا، وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ، وَلَمْ يَعْتَرِضْ عَلَيْهِمْ فِي أَنْكِحَتِهِمْ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُمْ يَسْتَبِيحُونَ نِكَاحَ مَحَارِمِهِمْ، وَمَا لَا يَعْتَقِدُونَ حِلَّهُ لَيْسَ مِنْ دِينِهِمْ.

(فَإِنْ أَتَوْنَا) أَيْ: الْكُفَّارُ (قَبْلَ عَقْدِهِ) أَيْ: النِّكَاحِ بَيْنَهُمْ (عَقَدْنَاهُ عَلَى حُكْمِنَا) بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ وَوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ مِنَّا، كَأَنْكِحَةِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [المائدة: ٤٢] وَلِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى عَقْدٍ يُخَالِفُ ذَلِكَ (وَإِنْ أَتَوْنَا) مُسْلِمِينَ أَوْ غَيْرَ مُسْلِمِينَ (بَعْدَهُ) أَيْ الْعَقْدِ فِيمَا بَيْنَهُمْ (أَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ) عَلَى نِكَاحٍ، لَمْ نَتَعَرَّضْ لِكَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ: مِنْ وُجُودِ صِيغَةٍ أَوْ وَلِيٍّ أَوْ شُهُودٍ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إذَا أَسْلَمَا مَعًا فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ أَنَّ لَهُمَا الْمَقَامَ عَلَى نِكَاحِهِمَا مَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا نَسَبٌ أَوْ رَضَاعٌ، وَقَدْ أَسْلَمَ خَلْقٌ كَثِيرٌ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَسْلَمَ نِسَاؤُهُمْ، فَأُقِرُّوا عَلَى أَنْكِحَتِهِمْ، وَلَمْ يَسْأَلْهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ شُرُوطِ النِّكَاحِ وَلَا كَيْفِيَّتِهِ (فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تُبَاحُ) لِلزَّوْجِ (إذَنْ) أَيْ: حَالَ التَّرَافُعِ أَوْ الْإِسْلَامِ (كَعَقْدِهِ) عَلَيْهَا (فِي عِدَّةٍ) وَلَمْ يَتَرَافَعَا أَوْ يُسْلِمَا حَتَّى (فَرَغَتْ) الْعِدَّةُ (أَوْ) عَقْدِهِ (عَلَى أُخْت زَوْجَةٍ مَاتَتْ) بَعْدَ عَقْدِهِ وَقَبْلَ الْإِسْلَامِ وَالتَّرَافُعِ؛ أُقِرَّا (أَوْ) عَقَدَهُ (بِلَا شُهُودٍ أَوْ) وَلِيٍّ أَوْ (صِيغَةٍ أُقِرَّا) عَلَى نِكَاحِهِمَا، لِمَا تَقَدَّمَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>