(وَإِنْ أَسْلَمَ) كَافِرٌ (وَتَحْتَهُ نَحْوُ أُخْتَيْنِ) كَامْرَأَةٍ وَعَمَّتِهَا، أَوْ امْرَأَةٍ وَخَالَتِهَا، فَأَسْلَمَتَا مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ إنْ دَخَلَ بِهِمَا، أَوْ لَمْ تُسْلِمَا وَهُمَا كِتَابِيَّتَانِ (اخْتَارَ مِنْهُمَا وَاحِدَةً) لِمَا رَوَى الضَّحَّاكُ بْنُ فَيْرُوزَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «أَسْلَمْت وَعِنْدِي امْرَأَتَانِ أُخْتَانِ، فَأَمَرَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أُطَلِّقَ إحْدَاهُمَا» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَفِي لَفْظٍ لِلتِّرْمِذِيِّ " اخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْت ".
وَلِأَنَّ الْمُبْقَاةَ امْرَأَةٌ يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا ابْتِدَاءً، فَجَازَ اسْتِدَامَتُهُ كَغَيْرِهَا، وَلِأَنَّ أَنْكِحَةَ الْكُفَّارِ صَحِيحَةٌ، وَإِنَّمَا حَرُمَ الْجَمْعُ، وَقَدْ أَزَالَهُ، كَمَا لَوْ طَلَّقَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ إحْدَاهُمَا، وَلَا مَهْرَ لِغَيْرِ الْمُخْتَارَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا، لِأَنَّهُ نِكَاحٌ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ، أَشْبَهَ تَزَوُّجَ الْمَجُوسِيِّ أُخْتَهُ، وَحَيْثُ اخْتَارَ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا، لَمْ يَطَأْ الْمُخْتَارَةَ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ أُخْتِهَا وَنَحْوِهَا، لِئَلَّا يَجْمَعَ مَاءَهُ فِي رَحِمِ نَحْوِ أُخْتَيْنِ، (وَإِنْ كَانَتَا) أَيْ: مَنْ أَسْلَمَ كَافِرٌ عَلَيْهِمَا (أُمًّا وَبِنْتًا) وَأَسْلَمَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا، وَكَانَ أَوْ كَانَتَا كِتَابِيَّتَيْنِ (وَ) قَدْ (دَخَلَ بِأُمِّهَا) وَحْدَهَا (فَسَدَ نِكَاحُهُمَا) أَيْ: الْأُمِّ وَالْبِنْتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: ٢٣] وَهَذِهِ أُمُّ زَوْجَتِهِ، فَتَدْخُلُ فِي عُمُومِهَا، وَلِأَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ الْبِنْتَ وَحْدَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا، حَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا إذَا أَسْلَمَ، فَإِذَا لَمْ يُطَلِّقْهَا وَتَمَسَّكَ بِنِكَاحِهَا فَمِنْ بَابِ أَوْلَى، وَأَمَّا الْبِنْتُ فَلِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ دَخَلَ بِهَا. حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا.
(وَإِلَّا) يَكُنْ دَخَلَ بِالْأُمِّ (فَ) يَفْسُدُ (نِكَاحُ الْأُمِّ وَحْدَهَا) لِتَحْرِيمِهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَى بِنْتِهَا عَلَى التَّأْبِيدِ، فَلَمْ يَكُنْ اخْتِيَارُهَا، وَالْبِنْتُ لَا تَحْرُمُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِأُمِّهَا، فَتَعَيَّنَ النِّكَاحُ فِيهَا، بِخِلَافِ الْأُخْتَيْنِ.
(وَلَوْ أَسْلَمَتْ مَنْ) أَيْ: امْرَأَةٌ (تَزَوَّجَتْ بِاثْنَيْنِ) فَأَكْثَرَ (فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ؛ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَخْتَارَ أَحَدَهُمَا) أَوْ أَحَدَهُمْ (وَلَوْ أَسْلَمُوا) أَيْ: هِيَ وَالزَّوْجَانِ أَوْ الْأَزْوَاجُ (مَعًا) فِي آنٍ وَاحِدٍ. قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ " وَذَكَرَهُ الْقَاضِي مَحَلُّ وِفَاقٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute