عَلَى مَكَان مُرْتَفِعٍ بِحَيْثُ لَوْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ تَحْتِهِ لَرَأَى عَوْرَتَهُ (بِمَا) - أَيْ: سَاتِرٍ - (لَا يَصِفُ لَوْنَ بَشَرَةٍ) مِنْ سَوَادٍ وَبَيَاضٍ (حَتَّى عَنْ نَفْسِهِ) - مُتَعَلِّقٌ بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَهُوَ: مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ -: (مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ) ، فَلَا تَصِحُّ صَلَاةُ مَكْشُوفِهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى سَتْرِهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١]
وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ» وَحَدِيثِ «سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنِّي أَكُونُ فِي الصَّيْدِ وَأُصَلِّي فِي الْقَمِيصِ الْوَاحِدِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَازْرُرْهُ وَلَوْ بِشَوْكَةِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ فِيهِمَا: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ. فَلَوْ صَلَّى عُرْيَانًا خَالِيًا أَوْ فِي قَمِيصٍ، وَلَمْ يُزَرِّرْهُ، وَلَمْ يَشْدُدْ عَلَيْهِ وَسَطَهُ، وَكَانَ بِحَيْثُ يَرَى عَوْرَةَ نَفْسِهِ مِنْهُ فِي قِيَامِهِ أَوْ رُكُوعِهِ وَنَحْوِهِ: لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، كَمَا لَوْ رَآهَا غَيْرُهُ. وَهِيَ - أَيْ: الْعَوْرَةُ - شَرْعًا: (سَوْأَةُ الْإِنْسَانِ) ، أَيْ: قُبُلُهُ أَوْ دُبُرُهُ (وَكُلُّ مَا يَسْتَحْيِي مِنْهُ إذَا نُظِرَ إلَيْهِ) أَيْ: مَا يَجِبُ سَتْرُهُ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقُبْحِ ظُهُورِهِ (وَيَجِبُ سَتْرُهَا) - أَيْ: الْعَوْرَةِ - (حَتَّى خَارِجَهَا) - أَيْ: الصَّلَاةِ - (وَ) حَتَّى (فِي ظُلْمَةٍ، وَ) حَتَّى فِي (خَلْوَةٍ) ، لِحَدِيثِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ؟ قَالَ: احْفَظْ عَوْرَتَكَ إلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ، قَالَ: قُلْتُ: فَإِذَا كَانَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ؟ قَالَ: إنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَاهَا أَحَدٌ فَلَا يَرَيَنَّهَا، قُلْتُ: فَإِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا؟ قَالَ: اللَّهُ تَعَالَى أَحَقُّ أَنْ يَسْتَحْيِيَ مِنْهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ (وَلَوْ بِنَحْوِ نَبَاتٍ) كَوَرَقٍ وَخُوصٍ مَظْفُورٍ
؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ سَتْرُهَا، وَقَدْ حَصَلَ، وَلِأَنَّ الْأَمْرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute