(وَيَتَّجِهُ:) صِحَّةُ ذَلِكَ (وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ جِنْسَ الْخِيَاطَةِ) إذْ الْمَقْصُودُ مِنْهَا تَأَلُّفُ قِطَعِ الثَّوْبِ بِضَمِّ بَعْضِهِ إلَى بَعْضٍ عَلَى الْعَادَةِ، بِحَيْثُ تُجْعَلُ كُلُّ قِطْعَةٍ فِي مَحَلِّهَا، وَهُوَ مُتَّجِهٌ: (وَرَدُّ قِنِّهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ (مِنْ مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ) وَمَنَافِعُ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ سَوَاءٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ شُعَيْبٍ مَعَ مُوسَى: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: ٢٧] وَلِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْحُرِّ يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهَا فِي الْإِجَارَةِ، فَجَازَتْ صَدَاقًا كَمَنْفَعَةِ الْعَبْدِ.
وَمَنْ قَالَ: لَيْسَتْ مَالًا، مَمْنُوعٌ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ الْمُعَاوَضَةُ بِهَا وَعَنْهَا، ثُمَّ إنْ لَمْ تَكُنْ مَالًا فَقَدْ أُجْرِيَتْ مَجْرَى الْمَالِ (وَ) كَأَنْ يَصْدُقَهَا (تَعْلِيمَهَا) أَيْ: الْمَنْكُوحَةِ (مُعَيَّنًا مِنْ فِقْهٍ أَوْ حَدِيثٍ) إنْ كَانَتْ مُسْلِمَةً فَيُعَيِّنُ الَّذِي يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهِ، هَلْ هُوَ كُلُّهُ أَوْ بَابٌ مِنْهُ، وَمَسَائِلُ مِنْ بَابٍ، وَفِقْهٍ أَيْ مَذْهَبٍ، وَأَيُّ كِتَابٍ مِنْهُ وَأَنَّ التَّعْلِيمَ تَفْهِيمُهُ إيَّاهَا أَوْ تَحْفِيظُهُ (أَوْ شِعْرٍ مُبَاحٍ أَوْ أَدَبٍ) مِنْ نَحْوٍ وَصَرْفٍ وَمَعَانٍ وَبَيَانٍ وَبَدِيعٍ وَلُغَةٍ (أَوْ) يُصْدِقُهَا تَعْلِيمَهَا (صَنْعَةً) كَخِيَاطَةٍ (أَوْ كِتَابَةٍ وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ) أَيْ: الْعَمَلَ الَّذِي أَصْدَقَهُ إيَّاهَا (وَيَتَعَلَّمُهُ ثُمَّ يُعَلِّمُهَا) إيَّاهُ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيمَ يَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَصْدَقَهَا مَالًا فِي ذِمَّتِهِ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ حَالَ الْإِصْدَاقِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يُقِيمَ لَهَا مَنْ يُعَلِّمُهَا (وَإِنْ تَعَلَّمَتْهُ) أَيْ: مَا أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَهُ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ: الزَّوْجِ (لَزِمَتْهُ أُجْرَةُ تَعْلِيمِهَا) وَكَذَا إنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ تَعْلِيمُهَا أَوْ أَصْدَقَهَا خِيَاطَةَ ثَوْبٍ فَتَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ تَلِفَ الثَّوْبُ وَنَحْوُهُ، وَإِنْ مَرِضَ أُقِيمَ مُقَامَهُ مَنْ يَخِيطُهُ وَإِنْ جَاءَتْهُ بِغَيْرِهَا لِتَعَلُّمِهَا مَا أَصْدَقَهَا، لَمْ يَلْزَمْهُ، لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي عَيْنٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إيقَاعُهُ فِي غَيْرِهَا، كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَتْهُ لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ فَأَتَتْ بِغَيْرِهِ لِيَخِيطَهُ لَهَا، وَلِأَنَّ الْمُتَعَلِّمِينَ يَخْتَلِفُونَ فِي التَّعْلِيمِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا، وَقَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي تَعْلِيمِهَا، فَلَا يَلْزَمُهُ تَعْلِيمُ غَيْرِهَا.
وَإِنْ أَتَاهَا بِغَيْرِهِ لِيُعَلِّمَهَا لَمْ يَلْزَمْهَا قَبُولُهُ لِاخْتِلَافِ الْمُعَلِّمِينَ فِي التَّعْلِيمِ. وَقَدْ يَكُونُ لَهَا غَرَضٌ فِي التَّعْلِيمِ مِنْهُ لِكَوْنِهِ زَوْجَهَا (وَعَلَيْهِ) أَيْ: مَنْ أَصْدَقَ الْمَرْأَةَ تَعْلِيمَ شَيْءٍ (بِطَلَاقِهَا قَبْلَ تَعْلِيمٍ وَدُخُولٍ بِهَا نِصْفَ الْأُجْرَةِ) لِلتَّعْلِيمِ، لِأَنَّهَا صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ فَلَا يُؤْمَنُ فِي تَعْلِيمِهَا الْفِتْنَةُ (وَ) إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ تَعْلِيمٍ وَ (بَعْدَ دُخُولٍ) فَعَلَيْهِ (كُلُّهَا) أَيْ الْأُجْرَةُ لِاسْتِقْرَارِ مَا أَصْدَقَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute