(وَلَا يَصِحُّ كَوْنُ) الْمَهْرِ (الْمُسَمَّى مِنْ) أَيْ: رَقِيقًا (يُعْتَقُ عَلَى زَوْجَةٍ لَهُ) كَمَا لَوْ زَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ هُوَ أَبُوهَا وَنَحْوُهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى إتْلَافِ الصَّدَاقِ عَلَيْهَا، إذْ لَوْ صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ، لَمَلَكَتْ الْمُسَمَّى، وَلَوْ مَلَكَتْهُ لَعَتَقَ عَلَيْهَا (إلَّا) أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ (بِإِذْنِ) زَوْجَةٍ (رَشِيدَةٍ) فَيَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا فَإِذَا رَضِيَتْ بِهِ، صَحَّ.
(وَإِنْ زَوَّجَ) الْأَبُ (ابْنَهُ الصَّغِيرَ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ صَحَّ) وَلَزِمَ الْمُسَمَّى الِابْنَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَهُ، فَكَانَ بَدَلُهُ عَلَيْهِ كَالْمَبِيعِ، وَلِأَنَّ تَصَرُّفَ الْأَبِ مَلْحُوظٌ فِيهِ الْمَصْلَحَةُ، فَكَمَا يَصِحُّ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ
لِلْمَصْلَحَةِ
فَكَذَا يَصِحُّ هُنَا تَحْصِيلًا لَهَا (وَلَا يَضْمَنُهُ) أَيْ الْمَهْرَ أَبٌ (مَعَ عُسْرَةِ ابْنٍ لِنِيَابَةِ الْأَبِ عَنْهُ فِي التَّزْوِيجِ) ، أَشْبَهَ الْوَكِيلَ فِي شِرَاءِ سِلْعَتِهِ (وَلَوْ قِيلَ لَهُ) أَيْ: الْأَبِ (ابْنُك فَقِيرٌ مِنْ أَيْنَ يُؤْخَذُ الصَّدَاقُ؟ فَقَالَ: عِنْدِي، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، لَزِمَهُ) الْمَهْرُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ ضَامِنًا.
(وَإِنْ تَزَوَّجَ) امْرَأَةً (فَضَمِنَ أَبُوهُ أَوْ غَيْرُهُ نَفَقَتَهَا عَشْرَ سِنِينَ؛ صَحَّ) الضَّمَانُ (مُوسِرًا كَانَ الِابْنُ أَوْ مُعْسِرًا) لِأَنَّ ضَمَانَ مَا يَئُولُ إلَى الْوُجُوبِ صَحِيحٌ، وَهَذَا مِنْهُ (وَلَوْ قَضَاهُ) أَيْ: قَضَى الْأَبُ الصَّدَاقَ (عَنْ ابْنِهِ، ثُمَّ طَلَّقَ) الِابْنُ الزَّوْجَةَ (وَلَمْ يَدْخُلْ) بِهَا (وَلَوْ) كَانَ طَلَاقُهُ، (قَبْلَ بُلُوغِ) الزَّوْجِ (فَنِصْفُهُ) أَيْ الصَّدَاقِ الرَّاجِعِ بِالطَّلَاقِ، (لِلِابْنِ) دُونَ الْأَبِ، لِأَنَّ الطَّلَاقَ مِنْ الِابْنِ وَهُوَ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِ الرُّجُوعِ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ، فَكَانَ لِمُتَعَاطِي سَبَبِهِ دُونَ غَيْرِهِ
(وَلَوْ ارْتَدَّتْ) الزَّوْجَةُ (قَبْلَ دُخُولٍ) بِهَا (رَجَعَ) الصَّدَاقُ جَمِيعُهُ (لِلِابْنِ وَلَيْسَ لِلْأَبِ رُجُوعٌ فِيهِ) أَيْ: فِيمَا عَادَ إلَى الِابْنِ بِالطَّلَاقِ أَوْ الرِّدَّةِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الصَّدَاقِ (كَهِبَةٍ) أَيْ: بِمَعْنَى الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ (لِأَنَّ الِابْنَ مَلَكَهُ مِنْ) الزَّوْجَةِ، فَكَانَ مِلْكُهُ لَهُ مِنْ (غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ أَبِيهِ، وَلَهُ تَمَلُّكُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَتَمَلَّكُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ مَا شَاءَ بِشَرْطِهِ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الرَّاجِعَ لِلِابْنِ قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ زَوَّجَهُ؛ لِوُجُوبِ الْإِعْفَافِ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْأَبِ.
(وَلِأَبٍ وَوَلِيٍّ قَبْضُ صَدَاقِ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا) لِصِغَرٍ أَوْ سَفَهٍ أَوْ جُنُونٍ؛ لِأَنَّهُ يَلِي مَالَهَا، فَكَانَ لَهُ قَبْضُهُ، كَثَمَنِ مَبِيعٍ، وَ (لَا) يَقْبِضُ أَبٌ، فَغَيْرُهُ أَوْلَى مِنْ صَدَاقِ مُكَلَّفَةٍ (رَشِيدَةٍ، وَلَوْ بِكْرًا إلَّا بِإِذْنِهَا) ؛ لِأَنَّهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute