الْعَبْدُ (بِإِذْنِهِ) أَيْ: السَّيِّدِ بِأَنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَأَطْلَقَ، بِأَنْ لَمْ يَقُلْ: صَحِيحًا وَلَا فَاسِدًا (فَنَكَحَ) نِكَاحًا (فَاسِدًا) فَكَنِكَاحٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ إنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَحَصَلَتْ إصَابَةٌ، فَالْمَهْرُ عَلَى السَّيِّدِ كَإِذْنِهِ لَهُ فِي الْجِنَايَةِ.
(وَمَنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ، لَزِمَهُ) أَيْ: الْعَبْدَ (مَهْرُ الْمِثْلِ، وَلَوْ مَعَ تَسْمِيَتِهِ) فَتَلْغُو التَّسْمِيَةُ، وَيَلْزَمُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ، خِلَافًا لِشَارِحِ " الْوَجِيزِ "، وَحَيْثُ لَزِمَهُ، ذَلِكَ فَإِنَّهُ (يُتْبَعُ) أَيْ: يَتْبَعُهُ سَيِّدُهُ (بِهِ) أَيْ: الْمَهْرِ (بَعْدَ عِتْقٍ) نَصًّا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ إتْلَافُ بُضْعٍ يَخْتَصُّ بِهِ الْعَبْدُ، فَلَزِمَهُ عِوَضُهُ فِي ذِمَّتِهِ.
(وَإِنْ زَوَّجَهُ سَيِّدُهُ حُرَّةً) (ثُمَّ بَاعَهُ لَهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ (بِثَمَنٍ فِي ذِمَّةٍ) أَيْ: ذِمَّةِ زَوْجَةِ الْعَبْدِ (مِنْ جِنْسِ الْمَهْرِ) الَّذِي أَصْدَقَهُ إيَّاهَا (تَقَاصَّا بِشَرْطِهِ) بِأَنْ يَتَّحِدَ الدَّيْنَانِ جِنْسًا وَحُلُولًا أَوْ تَأْجِيلًا أَجَلًا وَاحِدًا، لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهَا الثَّمَنُ، وَثَبَتَ لَهَا عَلَى السَّيِّدِ الْمَهْرُ؛ لِتَعَلُّقِهِ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ، فَإِنْ اتَّحَدَ قَدْرُهُمَا سَقَطَ، وَإِلَّا سَقَطَ بِقَدْرِ الْأَقَلِّ مِنْ الْأَكْثَرِ، وَلِرَبِّ الزَّائِدِ الطَّلَبُ بِالزِّيَادَةِ، كَمَا لَوْ كَانَ لَهَا عَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ مِنْ غَيْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَبَاعَهَا الْعَبْدُ بِشَيْءٍ فِي الذِّمَّةِ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ، وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ لِمِلْكِهَا زَوْجَهَا (وَإِنْ بَاعَهُ) أَيْ: الْعَبْدَ (لَهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ الْعَبْدِ الْحُرَّةِ (بِمَهْرِهَا؛ صَحَّ) الْبَيْعُ (قَبْلَ دُخُولٍ وَبَعْدَهُ) لِأَنَّ الْمَهْرَ مَالٌ يَصِحُّ جَعْلُهُ ثَمَنًا لِغَيْرِ هَذَا الْعَبْدِ، فَصَحَّ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لَهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَمْوَالِ، وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ (وَيَرْجِعُ سَيِّدٌ) بَاعَ الْعَبْدَ لِزَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ (فِي فُرْقَةٍ قَبْلَ دُخُولٍ بِنِصْفِهِ) أَيْ: الْمَهْرِ، لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا تَمَّ بِالسَّيِّدِ الْقَائِمِ مَقَامَ الزَّوْجِ، فَلَمْ يَتَمَحَّضْ بِسَبَبِ الْفُرْقَةِ مِنْ قِبَلِهَا، وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا الْعَبْدُ وَنَحْوُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَكَانَتْ قَبَضَتْ الْمَهْرَ؛ رَجَعَ عَلَيْهَا سَيِّدُهُ بِنِصْفِهِ (وَلَوْ جَعَلَ) السَّيِّدُ (الْعَبْدَ مَهْرَهَا بَطَلَ الْعَقْدُ بِهِ) لِمِلْكِهَا زَوْجَهَا وَالنِّكَاحُ لَا يُجَامِعُ الْمِلْكَ كَمَنْ زَوَّجَ ابْنَهُ، وَأَصْدَقَ عَنْهُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى الِابْنِ لَوْ مَلَكَهُ كَأَخِيهِ لِأُمِّهِ (لِأَنَّا نُقَدِّرُهُ) أَيْ: الْمِلْكَ فِي الْمَهْرِ (لِلِابْنِ) قَبْلَ الزَّوْجَةِ (ثُمَّ) يَصِيرُ (لِلزَّوْجَةِ) وَإِذَا دَخَلَ فِي مِلْكِ الِابْنِ عَتَقَ عَلَيْهِ؛ فَلَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ، بِخِلَافِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute