أَنَّهُ كَنَّى بِالْمُسَبَّبِ وَهُوَ الْوَطْءُ عَنْ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ الْخَلْوَةُ بِدَلِيلِ مَا سَبَقَ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} [النساء: ٢١] فَقَدْ حُكِيَ عَنْ الْفَرَّاءِ أَنَّهُ قَالَ: الْإِفْضَاءُ الْخَلْوَةُ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ؛ لِأَنَّ الْإِفْضَاءَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْفَضَاءِ وَهُوَ الْخَالِي فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَقَدْ خَلَا بَعْضُكُمْ إلَى بَعْضٍ، إذَا تَقَرَّرَ هَذَا (فَتَزُولُ) الْخَلْوَةُ (بِمُمَيِّزٍ، وَلَوْ كَانَ كَافِرًا أَوْ أَعْمَى) نَصًّا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى عَاقِلًا (أَوْ مَجْنُونًا) وَسَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجَانِ مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ، أَوْ الزَّوْجُ مُسْلِمًا وَالزَّوْجَةُ كِتَابِيَّةً (مَعَ عِلْمِهِ) بِأَنَّهَا عِنْدَهُ (وَلَمْ تَمْنَعْهُ) الزَّوْجَةُ مِنْ وَطْئِهَا، فَإِنْ مَنَعَتْهُ مِنْهُ، لَمْ يَتَقَرَّرْ الصَّدَاقُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ التَّمْكِينُ التَّامُّ، وَإِنَّمَا تَكُونُ الْخَلْوَةُ مُقَرَّرَةً، (إنْ كَانَ الزَّوْجُ يَطَأُ مِثْلُهُ) وَهُوَ ابْنُ عَشْرٍ، وَقَدْ خَلَا (وَ) كَانَتْ الزَّوْجَةُ (يُوطَأُ مِثْلُهَا) فَإِنْ كَانَ دُونَ عَشْرٍ وَكَانَتْ دُونَ تِسْعٍ، لَمْ يَتَقَرَّرْ؛ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ الْوَطْءِ.
(وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ) أَيْ: الزَّوْجِ بَعْدَ أَنْ خَلَا بِزَوْجَتِهِ (عَدَمَ عِلْمِهِ بِهَا) لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَقُدِّمَتْ الْعَادَةُ هُنَا عَلَى الْأَصْلِ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: (فَكَذَا دَعْوَى إنْفَاقِهِ) عَلَى زَوْجَةٍ مُقِيمٍ مَعَهَا (فَإِنَّ الْعَادَةَ هُنَاكَ) أَيْ: فِي الْإِنْفَاقِ (أَقْوَى وَهُوَ) أَيْ: مَا ذَكَرَ مِنْ دَعْوَى إنْفَاقِهِ (مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ) لَكِنَّ الْمَعْرُوفَ فِي مَذْهَبِنَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا فِي عَدَمِ الْإِنْفَاقِ، لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَيَأْتِي فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ.
(وَلَوْ) كَانَ (نَائِمًا أَوْ بِهِ) أَيْ: الزَّوْجِ (عَمًى) نَصًّا إنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ بِذَلِكَ (أَوْ) كَانَ (بِهِمَا) أَيْ: الزَّوْجَيْنِ مَانِعٌ حِسِّيٌّ (أَوْ) كَانَ (بِأَحَدِهِمَا مَانِعٌ حِسِّيٌّ كَجَبٍّ) بِأَنْ كَانَ الزَّوْجُ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ (وَرَتْقٍ) بِأَنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ رَتْقَاءَ أَيْ: مَسْدُودَةَ الْفَرْجِ، أَوْ كَانَتْ هَزِيلَةً. أَوْ مَانِعٌ (شَرْعِيٌّ كَحَيْضٍ وَإِحْرَامٍ وَصَوْمٍ) وَاجِبٍ، فَإِذَا خَلَا بِهَا وَلَوْ فِي حَالٍ مِنْ هَذِهِ تَقَرَّرَ الصَّدَاقُ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ؛ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ نَفْسَهَا مُقَرِّرَةٌ لِلْمَهْرِ؛ لِعُمُومِ مَا سَبَقَ، وَلِوُجُوبِ التَّسْلِيمِ مِنْ الْمَرْأَةِ، وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute