عَلِمْنَاهُ كَبَدَلِ مُتْلَفٍ (وَ) يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ أَيْضًا (بِإِكْرَاهِ) امْرَأَةٍ (عَلَى زِنًا) إنْ كَانَ الْوَطْءُ فِي قُبُلٍ وَ (لَا) يَجِبُ الْمَهْرُ بِوَطْئِهَا فِي (دُبُرٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلْوَطْءِ (وَ) لَا يَجِبُ الْمَهْرُ فِي (لِوَاطٍ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى أَحَدٍ؛ لِعَدَمِ وُرُودِ الشَّرْعِ بِبَدَلِهِ، وَلَا هُوَ إتْلَافٌ لِشَيْءٍ، فَأَشْبَهَ الْقُبْلَةَ، وَالْوَطْءَ دُونَ الْفَرْجِ (دُونَ أَرْشِ بَكَارَةٍ) فَلَا يَجِبُ مَعَ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ يَدْخُلُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ بِبِكْرٍ مِثْلِهَا، فَلَا تَجِبُ مَرَّةً أُخْرَى، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ أَجْنَبِيَّةً أَوْ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ؛ لِأَنَّ مَا ضَمِنَ لِلْأَجْنَبِيِّ ضَمِنَ لِلْقَرِيبِ، كَالْمَالِ.
(وَيَتَّجِهُ:) أَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الزِّنَا يَجِبُ فِيهِ الْمَهْرُ دُونَ أَرْشِ الْبَكَارَةِ إذَا كَانَ (فِي غَيْرِ أَمَةٍ غُصِبَتْ) أَمَّا وَطْءُ الْأَمَةِ الْمَغْصُوبَةِ فَفِيهِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ مَعًا، وَتَقَدَّمَ فِي الْغَصْبِ أَنَّهُ يَجِبُ بِوَطْءِ غَاصِبٍ عَالِمٍ تَحْرِيمَهُ حَدٌّ وَمَهْرُ أَمَةٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ وَنَقْصٌ بِوِلَادَةٍ، وَتُضْمَنُ لَوْ مَاتَتْ بِنِفَاسٍ، وَالْوَلَدُ مِلْكٌ لِرَبِّهَا، وَهُوَ مُتَّجَهٌ. .
(وَيَتَعَدَّدُ) الْمَهْرُ (بِتَعَدُّدِ شُبْهَةٍ) كَأَنْ تَشْتَبِهَ الْمَوْطُوءَةُ بِزَوْجَتِهِ، ثُمَّ يَتَبَيَّنُ لَهُ الْحَالُ، وَيَعْرِفُ أَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَتَهُ، ثُمَّ تَشْتَبِهَ عَلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى أَوْ تَشْتَبِهُ الْمَوْطُوءَةُ عَلَيْهِ بِزَوْجَتِهِ فَاطِمَةَ، ثُمَّ تَشْتَبِهَ بِزَوْجَتِهِ الْأُخْرَى أَوْ بِأَمَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَتَقَدَّمَ فِي الْكِتَابَةِ يَتَعَدَّدُ بِوَطْئِهِ مُكَاتَبَتِهِ إنْ اسْتَوْفَتْ مَهْرَ الْوَطْءِ الْأَوَّلِ، وَإِلَّا فَلَا، وَقَالَهُ فِي " الْمُغْنِي " " وَالنِّهَايَةِ " (وَ) يَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ بِتَعَدُّدِ (إكْرَاهٍ) عَلَى زِنًا بِمُكْرَهَةٍ كُلَّ مَرَّةٍ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ، فَيَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ سَبَبِهِ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا» أَيْ: نَالَ مِنْهُ، وَهُوَ الْوَطْءُ، لِأَنَّ ذِكْرَ الِاسْتِحْلَالِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْحِلِّ دَلِيلٌ عَلَى إرَادَةِ الْمُبَاشَرَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهُ، وَهِيَ الْوَطْءُ، وَلِأَنَّهُ إتْلَافٌ لِبُضْعٍ بِغَيْرِ رِضَى مَالِكِهِ، فَأَوْجَبَ الْقِيمَةَ، وَهِيَ الْمَهْرُ، وَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْوَطْءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute