حَقٌّ، وَالثَّانِيَ مَعْرُوفٌ وَالثَّالِثَ رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُمَا.
(أَوْ دَعَاهُ ذِمِّيٌّ كُرِهَتْ إجَابَتُهُ) لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ إذْلَالُهُ؛ وَهُوَ يُنَافِي إجَابَتَهُ؛ لِمَا فِيهَا مِنْ الْإِكْرَامِ؛ وَلِأَنَّ اخْتِلَاطَ طَعَامِهِ بِالْحَرَامِ وَالنَّجِسِ غَيْرُ مَأْمُونٍ، وَكَذَا مَنْ يَحْرُمُ هَجْرُهُ كَمُبْتَدَعٍ وَمُتَجَاهِرٍ بِمَعْصِيَةٍ.
(وَتُسَنُّ) إجَابَةُ مَنْ عَيَّنَهُ دَاعٍ لِلْوَلِيمَةِ (بِثَانِي مَرَّةٍ) كَمَا لَوْ دُعِيَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي لِلْخَبَرِ، وَتَقَدَّمَ.
تَنْبِيهٌ: وَإِنْ دَعَتْ امْرَأَةٌ رَجُلًا عَيَّنَتْهُ؛ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ؛ لِعُمُومِ مَا سَبَقَ إلَّا مَعَ خَلْوَةٍ مُحَرَّمَةٍ؛ فَتَحْرُمُ الْإِجَابَةُ؛ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى مُحَرَّمٍ.
(وَفِعْلُ الدَّعَوَاتِ) غَيْرُ الْوَلِيمَةِ (مُبَاحَةٌ) فَلَا تُكْرَهُ وَلَا تُسْتَحَبُّ نَصًّا، أَمَّا عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فَلِحَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا.
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَأْتِي الدَّعْوَةَ فِي الْعُرْسِ وَغَيْرِ الْعُرْسِ، وَيَأْتِيهَا وَهُوَ صَائِمٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلَوْ كَانَتْ مَكْرُوهَةً لَمْ يَأْمُرْ بِإِجَابَتِهَا، وَلَبَيَّنَهَا، وَأَمَّا عَدَمُ اسْتِحْبَابِهَا؛ فَلِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تُفْعَلُ فِي عَهْدِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَعَهْدِ أَصْحَابِهِ. فَرَوَى الْحَسَنُ قَالَ: دُعِيَ عُثْمَانُ بْنُ الْعَاصِ إلَى أَخْتَانٍ فَأَبَى أَنْ يُجِيبَ، وَقَالَ: كُنَّا لَا نَأْتِي الْخِتَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا نُدْعَى إلَيْهِ رَوَاهُ أَحْمَدُ: (غَيْرَ عَقِيقَةٍ فَتُسَنُّ) وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا وَغَيْرَ دَعْوَةِ (مَأْتَمٍ فَتُكْرَهُ) وَتَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِزِ.
قَالَ فِي النِّهَايَةِ: الْمَأْتَمُ فِي الْأَصْلِ مُجْتَمَعُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي الْغَمِّ وَالْفَرَحِ، ثُمَّ خُصَّ بِهِ اجْتِمَاعُ النِّسَاءِ فِي الْمَوْتِ، وَقِيلَ: هُوَ لِلشَّوَابِّ مِنْهُنَّ لَا غَيْرُ (وَالْإِجَابَةُ إلَيْهَا) أَيْ: الدَّعَوَاتِ غَيْرَ الْوَلِيمَةِ (مُسْتَحَبَّةٌ) لِحَدِيثِ الْبَرَاءِ مَرْفُوعًا: «أُمِرْنَا بِإِجَابَةِ الدَّاعِي» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَأَدْنَى أَحْوَالِ الْأَمْرِ الِاسْتِحْبَابُ، وَلِمَا فِيهَا مِنْ جَبْرِ قَلْبِ الدَّاعِي وَتَطَيُّبِ خَاطِرِهِ، وَدُعِيَ أَحْمَدُ إلَى خِتَانٍ؛ فَأَجَابَ وَأَكَلَ (غَيْرَ مَأْتَمٍ فَتُكْرَهُ) إجَابَةُ دَاعِيهِ لِمَا مَرَّ فِي الْجَنَائِزِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute