للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُ (وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَقْصِدَ) الْمَدْعُوُّ (بِإِجَابَتِهِ) الدَّعْوَةَ (نَفْسَ الْأَكْلِ) لِأَنَّهُ سِمَةُ الْبَهَائِمِ، (بَلْ يَنْوِي بِهِ الِاقْتِدَاءَ بِالسُّنَّةِ وَإِكْرَامَ أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ، وَصِيَانَةَ نَفْسِهِ عَنْ سُوءِ ظَنِّ تَكَبُّرٍ بِهِ) لِيُثَابَ عَلَيْهِ.

(وَمِنْ السُّنَّةِ أَنْ يَخْرُجَ مَعَ ضَيْفِهِ لِبَابِ الدَّارِ) تَتْمِيمًا لِإِكْرَامِهِ (وَيَحْسُنُ أَنْ يَأْخُذَ بِرِكَابِهِ إلَى رِكَابِ ضَيْفِهِ) إذَا رَكِبَ (وَوَرَدَ) فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «مَنْ أَخَذَ بِرِكَابِ مَنْ لَا يَرْجُوهُ، وَلَا يَخَافُهُ، غُفِرَ لَهُ» قَالَهُ فِي " الْآدَابِ " (وَلَهُ) أَيْ رَبِّ الطَّعَامِ (تَخْصِيصُ بَعْضِ الضِّيفَانِ بِشَيْءٍ طَيِّبٍ إنْ لَمْ يَتَأَذَّ غَيْرَهُ) لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِهِ كَيْفَ شَاءَ.

(وَيُسْتَحَبُّ لِلضَّيْفِ أَنْ يُفْضِلَ شَيْئًا) مِنْ الطَّعَامِ (لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ مِمَّنْ يُتَبَرَّكُ بِفَضْلَتِهِ) أَوْ كَانَ ثَمَّ حَاجَةٌ إلَى بَقَاءِ شَيْءٍ مِنْهُ (وَ) فِي " شَرْحِ مُسْلِمٍ " يُسْتَحَبُّ (لِأَهْلِ الطَّعَامِ أَنْ يَأْكُلُوا بَعْدَ فَرَاغِ الضِّيفَانِ) لِحَدِيثِ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ فِي الصَّحِيحِ وَفِيهِ: «أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، فَذَهَبَ بِالضَّيْفِ وَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: هَذَا ضَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتْ: وَاَللَّهِ مَا عِنْدَنَا إلَّا قُوتُ الصِّبْيَةِ. فَقَالَ: نَوِّمِي صِبْيَانَك، وَأَطْفِئِي السِّرَاجَ، وَقَدِّمِي مَا عِنْدَك لِلضَّيْفِ، وَنُوهِمُهُ أَنَّا نَأْكُلُ، فَفَعَلَا ذَلِكَ، وَنَزَلَ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: ٩] » وَالْأَوْلَى النَّظَرُ فِي قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ، فَإِنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى إبْقَاءِ شَيْءٍ أَبْقَاهُ وَإِلَّا مَسَحَ الْإِنَاءَ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَغْفِرُ لِلَاعِقِهَا.

(وَ) (أَكْلُهُ مَعَ زَوْجَةٍ وَطِفْلٍ وَمَمْلُوكٍ، وَتَكْثِيرِ الْأَيْدِي عَلَى الطَّعَامِ) وَلَوْ مِنْ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ؛ لِتَكْثُرَ الْبَرَكَةُ، وَلَعَلَّهُ صَادَفَ صَالِحًا يَأْكُلُ مَعَهُ، فَيُغْفَرُ لَهُ بِسَبَبِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>