(وَيَتَّجِهُ كُفْرُ مُسْتَحِلِّهِ) أَيْ: الْوَطْءِ فِي الْحَيْضِ لِمُصَادَمَتِهِ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ، وَتَكْذِيبِهِ بِالْحَدِيثِ الْآتِي، وَاسْتِحْلَالِهِ أَمْرًا أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَ) حَرُمَ وَطْءٌ (فِي دُبُرٍ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ) مِنْ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَعْجَازِهِنَّ» .
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَى رَجُلٍ جَامَعَ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا» رَوَاهُمَا ابْنُ مَاجَهْ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا، أَوْ أَتَى عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ؛ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» رَوَاهُ الْأَثْرَمُ.
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: ٢٢٣] فَرَوَى جَابِرٌ قَالَ: «كَانَ الْيَهُودُ يَقُولُونَ إذَا جَامَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فِي فَرْجِهَا مِنْ وَرَائِهَا جَاءَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: ٢٢٣] مِنْ بَيْنِ يَدَيْهَا وَمِنْ خَلْفِهَا غَيْرَ أَنْ لَا يَأْتِيَهَا إلَّا فِي الْمَأْتَى» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ: «ائْتِهَا مُقْبِلَةً وَمُدْبِرَةً إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي الْفَرْجِ» فَإِنْ وَطِئَهَا فِي الدُّبُرِ عُزِّرَ إنْ عَلِمَ تَحْرِيمَهُ لِارْتِكَابِهِ مَعْصِيَةً لَا حَدَّ فِيهِ وَلَا كَفَّارَةَ.
(وَإِنْ تَطَاوَعَا) أَيْ: الزَّوْجَانِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ؛ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا (أَوْ أَكْرَهَهَا) عَلَيْهِ (وَ) نُهِيَ عَنْهُ (فَ) لَمْ يَنْتَهِ؛ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا.
(قَالَ) الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ (كَمَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْفَاجِرِ، وَمَنْ يَفْجُرُ بِهِ) مِنْ رَقِيقِهِ انْتَهَى.
(وَكَذَا) يَحْرُمُ (عَزْلٌ) عَنْ زَوْجَةٍ (بِلَا إذْنِ) زَوْجَةٍ (حُرَّةٍ أَوْ) بِلَا إذْنِ (سَيِّدِ أَمَةٍ) نَصًّا؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُعْزَلَ عَنْ الْحُرَّةِ إلَّا بِإِذْنِهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ.
وَلِأَنَّ لَهَا فِي الْوَلَدِ حَقًّا، وَعَلَيْهَا فِي الْعَزْلِ ضَرَرٌ؛ فَلَمْ يَجُزْ إلَّا بِإِذْنِهَا، وَقِيسَ عَلَيْهَا سَيِّدُ الْأَمَةِ، وَمَعْنَى الْعَزْلِ أَنْ يَنْزِعَ إذَا قَرُبَ الْإِنْزَالُ فَيُنْزِلَ خَارِجًا عَنْ الْفَرْجِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute