لِأَنَّ الْوَطْءَ وَدَوَاعِيَهُ طَرِيقَةُ الشَّهْوَةِ وَالْمَيْلِ، وَلَا سَبِيلَ إلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُنَّ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ فِي الْوَطْءِ وَدَاعِيهِ فِي النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَغَيْرِهَا وَفَعَلَهُ كَانَ أَحْسَنَ وَأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْعَدْلِ بَيْنَهُنَّ.
وَرُوِيَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُسَوِّي بَيْنَ زَوْجَاتِهِ فِي الْقُبْلَةِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا لَا أَمْلِكُ» .
وَلِأَنَّهُ إذَا قَسَمَ لِوَاحِدَةٍ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهَا كَانَ فِي ذَلِكَ مَيْلٌ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ١٩] . وَلَيْسَ مَعَ الْمَيْلِ مَعْرُوفٌ.
وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ} [النساء: ١٢٩] .
لِأَنَّ الْعَدْلَ أَنْ لَا يَقَعَ مَيْلٌ أَلْبَتَّةَ، وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ وَلَوْ حَرَصْتُمْ عَلَى تَحَرِّي ذَلِكَ وَبَالَغْتُمْ فِيهِ؛ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ الَّتِي لَيْسَتْ ذَاتَ بَعْلٍ وَلَا مُطَلَّقَةً.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «مَنْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إلَى إحْدَاهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ» .
(وَعِمَادُ الْقَسْمِ اللَّيْلُ) لِأَنَّهُ يَأْوِي فِيهِ الْإِنْسَانُ إلَى مَنْزِلِهِ، وَيَسْكُنُ إلَى أَهْلِهِ، وَيَنَامُ عَلَى فِرَاشِهِ مَعَ زَوْجَتِهِ عَادَةً، وَالنَّهَارُ لِلْمَعَاشِ وَالِاشْتِغَالِ.
قَالَ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا} [النبأ: ١٠] {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} [النبأ: ١١] (وَالنَّهَارُ يَتْبَعُهُ) أَيْ: اللَّيْلَ، فَيَدْخُلُ فِي الْقَسْمِ تَبَعًا؛ لِمَا رُوِيَ: أَنَّ «سَوْدَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَالَتْ عَائِشَةُ: «قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِي وَفِي يَوْمِي» .
وَإِنَّمَا قُبِضَ نَهَارًا، وَيَتْبَعُ الْيَوْمُ اللَّيْلَةَ الْمَاضِيَةَ، إلَّا أَنْ يَتَّفِقُوا عَلَى عَكْسِهِ (وَعَكْسُهُ مِنْ مَعِيشَتِهِ بِلَيْلٍ كَحَارِسٍ) فَعِمَادُ قَسْمِهِ النَّهَارُ، وَيَتْبَعُهُ اللَّيْلُ.
(وَلَهُ) أَيْ: الزَّوْجِ (نَهَارُ قَسْمٍ أَنْ يَخْرُجَ لِمَعَاشِهِ وَقَضَاءِ حُقُوقٍ وَمَا جَرَتْ عَادَةٌ بِهِ، وَلِصَلَاةِ عِشَاءٍ وَفَجْرٍ) وَلَوْ قَبْلَ طُلُوعِهِ كَصَلَاةِ النَّهَارِ.
قَالَ فِي " شَرْحِ الْإِقْنَاعِ ": قُلْتُ: لَكِنْ لَا يُعْتَادُ الْخُرُوجُ قَبْلَ الْأَوْقَاتِ إذَا كَانَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ دُونَ