مِنْ الْمُسْتَقْبَلِ، (وَلَا قَسْمَ) لِمُطَلَّقَةٍ (رَجْعِيَّةٍ) صَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " وَالزَّرْكَشِيُّ فِي الْحَضَانَةِ.
وَمَا ثَمَّ صَرِيحٌ يُخَالِفُهُ، وَلِأَنَّهَا تَرْجِعُ حَضَانَتُهَا عَلَى وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِ مُطَلِّقِهَا وَهِيَ رَجْعِيَّةٌ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (وَلَيْسَ لَهُ بُدَاءَةٌ بِقَسْمٍ وَسَفَرٍ بِإِحْدَاهُنَّ) طَالَ السَّفَرُ أَوْ قَصُرَ (بِلَا قُرْعَةٍ) لِأَنَّهُ تَفْضِيلٌ لَهَا، وَالتَّسْوِيَةُ وَاجِبَةٌ «وَكَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَمَنْ خَرَجَتْ لَهَا الْقُرْعَةُ خَرَجَ بِهَا مَعَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَإِذَا سَافَرَ بِهَا بِقُرْعَةٍ إلَى مَحِلٍّ، ثُمَّ بَدَا لَهُ غَيْرُهُ وَلَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ، فَلَهُ أَنْ يَصْحَبَهَا مَعَهُ (إلَّا بِرِضَاهُنَّ وَرِضَاهُ) فَإِذَا رَضِيَ الزَّوْجَاتُ وَالزَّوْجُ بِالْبُدَاءَةِ بِإِحْدَاهُنَّ أَوْ السَّفَرِ بِهَا جَازَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ (وَيَقْضِي) زَوْجٌ لِبَقِيَّةِ زَوْجَاتِهِ (مَعَ) خُرُوجِ (قُرْعَةٍ) فِي السَّفَرِ بِإِحْدَاهُنَّ (أَوْ) مَعَ (رِضَاهُنَّ) بِالسَّفَرِ بِمُعَيَّنَةٍ مِنْهُنَّ (مَا تَعَقَّبَهُ سَفَرٌ) أَيْ: مَا أَقَامَهُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ إلَيْهِ (أَوْ تَخَلَّلَهُ) أَيْ تَخَلَّلَ السَّفَرَ (مِنْ إقَامَةٍ) أَيْ: مُدَّةِ إقَامَتِهِ فِي أَثْنَاءِ سَفَرِهِ؛ لِتَسَاكُنِهِمَا إذَنْ، لَا زَمَنِ مَسِيرِهِ وَحِلِّهِ وَتَرْحَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مَسْكَنًا؛ فَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ، كَمَا لَوْ كَانَا مُنْفَرِدَيْنِ (وَ) يَقْضِي مَنْ سَافَرَ بِوَاحِدَةٍ مِنْ زَوْجَتَيْهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ (بِدُونِهِمَا) أَيْ: الْقُرْعَةِ وَرِضَاهُنَّ (جَمِيعَ غَيْبَتِهِ) حَتَّى زَمَنِ سَيْرِهِ وَحِلِّهِ وَتَرْحَالِهِ، سَوَاءٌ طَالَ السَّفَرُ أَوْ قَصُرَ؛ لِأَنَّهُ خَصَّ بَعْضَهُنَّ عَلَى وَجْهٍ يَلْحَقُهُ فِيهِ تُهْمَةٌ؛ فَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا، أَوْ إنْ سَافَرَ بِاثْنَتَيْنِ بِقُرْعَةٍ أَوَى: كُلَّ لَيْلَةٍ فِي رَحْلِهَا كَخَيْمَتِهَا وَنَحْوَهَا، فَإِنْ كَانَتَا فِي رِحْلَةٍ؛ فَلَا قَسْمَ إلَّا فِي الْفِرَاشِ.
(وَمَنْ قَرَعَتْ) مِنْ الزَّوْجَاتِ (لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ: زَوْجَهَا (سَفَرٌ بِهَا) وَلَهُ تَرْكُهَا (وَيُسَافِرُ وَحْدَهُ) لِأَنَّ الْقُرْعَةَ لَا تُوجِبُ، وَإِنَّمَا تُعَيِّنُ مَنْ اسْتَحَقَّ التَّقْدِيمَ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ السَّفَرُ (بِغَيْرِهَا) أَيْ: غَيْرِ مَنْ خَرَجَتْ لَهَا الْقُرْعَةُ؛ لِأَنَّهُ جَوْرٌ، وَإِنْ وَهَبَتْ الْقَارِعَةُ حَقَّهَا مِنْ السَّفَرِ مَعَهُ لِإِحْدَى ضَرَّاتِهَا، جَازَ لَهَا الْقُرْعَةُ ذَلِكَ إذَا رَضِيَ الزَّوْجُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا، وَإِنْ وَهَبَتْهُ لِلزَّوْجِ أَوْ لِجَمِيعِ ضَرَائِرِهَا، وَامْتَنَعَتْ مِنْ السَّفَرِ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute