للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا يَقَعُ بِكِنَايَةٍ، وَلَوْ ظَاهِرَةً) طَلَاقٌ لِقُصُورِ رُتْبَتِهَا عَنْ الصَّرِيحِ، فَوَقَفَ عَمَلُهَا عَلَى نِيَّةِ الطَّلَاقِ تَقْوِيَةً لَهَا لِتَلْحَقَهُ فِي الْعَمَلِ، وَلِاحْتِمَالِهَا غَيْرَ مَعْنَى الطَّلَاقِ؛ فَلَا تَتَعَيَّنُ لَهُ (إلَّا بِنِيَّةٍ مُقَارَنَةٍ لِلَّفْظِ) أَيْ: لِلَّفْظِ الْكِنَايَةِ، فَإِنْ وُجِدَتْ النِّيَّةُ فِي ابْتِدَائِهِ وَعَزَبَتْ عَنْهُ فِي بَاقِيهِ؛ وَقَعَ الطَّلَاقُ اكْتِفَاءً بِهَا فِي أَوَّلِهِ كَسَائِرِ مَا تُعْتَبَرُ لَهُ النِّيَّةُ مِنْ صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا، وَإِنْ تَلَفَّظَ بِالْكِنَايَةِ غَيْرَ نَاوٍ لِلطَّلَاقِ، ثُمَّ نَوَاهُ بِهَا بَعْدُ؛ لَمْ يَقَعْ كَنِيَّةِ الطَّهَارَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا، وَقِيلَ وَكَذَا لَوْ قَارَنَتْ النِّيَّةُ الْجُزْءَ الثَّانِيَ مِنْ الْكِنَايَةِ دُونَ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمَنْوِيَّ غَيْرُ صَالِحٍ لِلْإِيقَاعِ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِالْجُزْءِ الْأَوَّلِ بِلَا نِيَّةٍ كَصَلَاةٍ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِبَعْضِ أَرْكَانِهَا، هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ فِي " شَرْحِ الْمُنْتَهَى "، وَصَحَّحَهُ فِي " تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ "، وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ مُقَارِنَةً لِلَّفْظِ؛ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تُقَارِنَ أَوَّلَهُ أَوْ غَيْرَهُ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ؛ (وَلَا تُشْتَرَطُ لِلْكِنَايَةِ) نِيَّةُ الطَّلَاقِ (حَالَ خُصُومَةٍ أَوْ حَالَ سُؤَالِ طَلَاقِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ اكْتِفَاءً بِدَلَالَةِ الْحَالِ (فَلَوْ لَمْ يَرُدَّهُ) أَيْ: الطَّلَاقَ مَنْ أَتَى بِالْكِنَايَةِ فِي حَالٍ مِمَّا ذُكِرَ أَوْ أَرَادَ بِالْكِنَايَةِ (غَيْرَهُ) أَيْ: الطَّلَاقِ (إذَنْ) أَيْ: حَالَ خُصُومَةٍ أَوْ غَضَبٍ أَوْ سُؤَالِ طَلَاقِهَا (دُيِّنَ) فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ كَانَ صَادِقًا؛ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ شَيْءٌ (وَلَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ ذَلِكَ (حُكْمًا) لِتَأْثِيرِ دَلَالَةِ الْحَالِ فِي الْحُكْمِ كَمَا يُحْمَلُ الْكَلَامُ الْوَاحِدُ عَلَى الْمَدْحِ تَارَةً وَعَلَى الذَّمِّ أُخْرَى بِالْقَرَائِنِ وَلِذَا لَوْ قَالَ حَالَ الْخُصُومَةِ لَيْسَتْ أُمِّي بِزَانِيَةٍ كَانَ تَعْرِيضًا بِالْقَذْفِ لِمُخَاصِمِهِ، وَفِي غَيْرِ مُخَاصِمِهِ تَكُونُ تَنْزِيهًا لِأُمِّهِ عَنْ الزِّنَا، فَتَقُومُ دَلَالَةُ الْحَالِ مَقَامَ الْقَوْلِ فِيهِ، فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا يُخَالِفُهُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ.

(وَيَتَّجِهُ أَنَّهُ) إذَا لَمْ يُرِدْ الطَّلَاقَ مَنْ أَتَى بِكِنَايَةٍ فِي حَالِ خُصُومَةٍ أَوْ غَضَبٍ أَوْ سُؤَالِهَا يَدِينُ (إلَّا مَعَ قَرِينَةٍ) فَإِنْ كَانَ ثَمَّ قَرِينَةٌ (كَ) قَوْلِهِ (غَطِّ شَعْرَك لِمَكْشُوفَتِهِ فَلَا يُدَيَّنُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ إرَادَتَهُ الْإِيقَاعُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ) .

(وَيَقَعُ بِكِنَايَةٍ ظَاهِرَةٍ ثَلَاثُ) طَلْقَاتٍ (وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً) رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>