للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا؛ لِمَا سَبَقَ (فَإِنْ طَلَّقَ ذِمِّيٌّ حُرَّةً اثْنَتَيْنِ) قَبْلَ أَنْ يُسْتَرَقَّ، ثُمَّ رُقَّ بَعْدَ سَبْيِهِ (مَلَكَ) الطَّلْقَةَ (الثَّالِثَةَ) وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ.

جَزَمَ بِهِ الْمُوَفَّقُ وَمَنْ تَابَعَهُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، لِأَنَّ الطَّلْقَتَيْنِ الصَّادِرَتَيْنِ فِي حَالِ حُرِّيَّتِهِ وَقَعَتَا غَيْرَ مُحَرَّمَتَيْنِ، فَلَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهُمَا بِالرِّقِّ الطَّارِئِ بَعْدَهُمَا، كَمَا أَنَّ الطَّلْقَتَيْنِ مِنْ الْعَبْدِ لَمَّا وَقَعَتَا مُحَرَّمَتَيْنِ؛ لَمْ يَتَغَيَّرْ حُكْمُهُمَا بِعِتْقِهِ بَعْدَهُمَا، وَجَعَلَهُ فِي " الْإِقْنَاعِ " كَالْعَبْدِ يَمْلِكُ ثِنْتَيْنِ فَقَطْ؛ وَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ خِلَافًا لَهُ بَعْدَهُمَا (فَإِنْ طَلَّقَ) هَذَا الذِّمِّيُّ (وَاحِدَةً) قَبْلَ أَنْ يُسْتَرَقَّ (ثُمَّ رُقَّ) ثُمَّ أَرَادَ عَوْدَهَا (مَلَكَ) طَلْقَةً (أُخْرَى) فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ طَلَاقِ الْأَرِقَّاءِ، فَعَادَتْ لَهُ بِوَاحِدَةٍ؛ نَظَرًا لِلْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لَا نَظَرْتُمْ لِلْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا؟ أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَوْفَى هُنَاكَ الْعَدَدَ؛ نُظِرَ لِلْحِلِّ الثَّابِتِ، وَهُنَا الْحِلُّ ثَابِتٌ، فَكَانَ الْأَحْوَطُ النَّظَرَ لِلْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ.

(وَلَوْ عَلَّقَ عَبْدٌ) الطَّلْقَاتِ (الثَّلَاثَ بِشَرْطٍ فَوُجِدَ) الشَّرْطُ (بَعْدَ عِتْقِهِ وَقَعَتْ) الثَّلَاثُ لِمِلْكِهِ لَهَا حِينَ الْوُقُوعِ (وَإِنْ عَلَّقَهَا) أَيْ: الثَّلَاثَ (بِعِتْقِهِ) بِأَنْ قَالَ: إنْ عَتَقْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا (فَعَتَقَ لَغَتْ) الطَّلْقَةُ (الثَّالِثَةُ) صَحَّحَهُ فِي " الْفُرُوعِ " وَغَيْرِهِ (وَلَوْ عَتَقَ بَعْدَ طَلْقَةٍ؛ مَلَكَ تَمَامَ الثَّلَاثِ) لِأَنَّ الطَّلْقَةَ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ (وَ) لَوْ عَتَقَ (بَعْدَ طَلْقَتَيْنِ لَمْ يَمْلِكْ ثَالِثَةً) وَكَذَلِكَ لَوْ عَتَقَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ بَعْدَ طَلْقَتَيْنِ لَمْ يَمْلِكْ ثَالِثَةً؛ لِمَا تَقَدَّمَ (وَقَوْلُهُ) أَيْ: الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ الطَّلَاقُ) أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ يَلْزَمُنِي) الطَّلَاقُ (أَوْ) الطَّلَاقُ (لَازِمٌ لِي أَوْ) قَالَ الطَّلَاقُ (عَلَيَّ وَنَحْوُهُ) كَعَلَيَّ يَمِينٌ بِالطَّلَاقِ (صَرِيحٌ) فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ سَوَاءٌ كَانَ (مُنَجَّزًا) كَأَنْتِ الطَّلَاقُ وَنَحْوِهِ (أَوْ مُعَلَّقًا) بِشَرْطٍ؛ كَأَنْتِ الطَّلَاقُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَنَحْوِهِ (أَوْ مَحْلُوفًا بِهِ) كَأَنْتِ الطَّلَاقُ لَأَقُومَن أَوْ لَأَضْرِبَن زَيْدًا؛ فَهُوَ صَرِيحٌ، وَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِي عُرْفِهِمْ قَالَ الشَّاعِرُ:

فَأَنْتِ الطَّلَاقُ وَأَنْتِ ... الطَّلَاقُ ثَلَاثًا تَمَامًا

وَكَوْنُهُ مَجَازًا لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ صَرِيحًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَذَّرُ حَمْلُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَلَا مَحَلَّ لَهُ يَظْهَرُ سِوَى هَذَا الْمَحَلِّ؛ فَتَعَيَّنَ فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>