الْإِقْنَاعِ " تَبَعًا لِتَصْحِيحِ " الْإِنْصَافِ " فِي أَنَّهُ تَقَعُ وَاحِدَةٌ، لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يَقْتَضِي عَدَدًا وَالطَّلَاقُ لَهُ أَقَلُّ وَأَكْثَرُ، فَأَقَلُّهُ وَاحِدَةٌ وَأَكْثَرُهُ ثَلَاثٌ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ عَدَدَ (الْمَاءِ أَوْ الزَّيْتِ أَوْ الْعَسَلِ) وَنَحْوِهِ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ؛ فَثَلَاثٌ، لِتَعَدُّدِ أَنْوَاعِهِ وَقَطَرَاتِهِ، أَشْبَهَ الْحَصَى (أَوْ) قَالَ (يَا مِائَةَ طَالِقٍ، فَثَلَاثٌ) تَقَعُ، كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ مِائَةَ طَلَاقٍ (وَلَوْ نَوَى وَاحِدَةً) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ (وَكَذَا) أَنْتِ طَالِقٌ (كَأَلْفٍ وَنَحْوِهِ) كَمِائَةٍ؛ فَثَلَاثٌ (فَلَوْ نَوَى كَأَلْفٍ فِي صُعُوبَتِهَا) دِينَ وَ (قُبِلَ حُكْمًا) لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُهُ إلَّا فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ كَعَدَدِ أَلْفٍ أَوْ كَعَدَدِ مِائَةٍ، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنَّهُ أَرَادَ بِهِ وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَحْتَمِلُهُ (وَ) وَإِنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (أَشَدَّهُ) أَيْ الطَّلَاقِ (أَوْ أَغْلَظَهُ أَوْ أَطْوَلَهُ أَوْ أَعْرَضَهُ أَوْ أَكْبَرَهُ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (مِلْءَ الدُّنْيَا أَوْ مِثْلَ الْجَبَلِ أَوْ أَعْظَمَهُ) أَيْ الْجَبَلِ (وَنَحْوَهُ) كَعِظَمِ الشَّمْسِ أَوْ الْقَمَرِ (فَطَلْقَةٌ إنْ لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ) لِأَنَّ هَذَا الْوَصْفَ لَا يَقْتَضِي عَدَدًا تَكُونُ رَجْعِيَّةً فِي مَدْخُولٍ بِهَا إنْ لَمْ تَكُنْ مُكَمِّلَةً لِعَدَدِ الطَّلَاقِ، فَإِنْ نَوَى أَكْثَرَ وَقَعَ مَا نَوَاهُ، وَإِنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (مِنْ طَلْقَةٍ إلَى ثَلَاثِ) طَلْقَاتٍ (فَ) طَلْقَتَانِ (ثِنْتَانِ) لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْغَايَةِ لَا يَدْخُلُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧] .
وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ وَثَلَاثٍ، فَوَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي بَيْنَهُمَا (وَ) أَنْتِ طَالِقٌ (طَلْقَةً فِي ثِنْتَيْنِ، وَنَوَى) طَلْقَةً (مَعَهُمَا فَثَلَاثُ) طَلْقَاتٍ تَقَعُ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْأَغْلَظِ (وَإِنْ نَوَى) بِهَذَا اللَّفْظِ (مُوجِبَهُ عِنْدَ الْحِسَابِ وَهُوَ يَعْرِفُهُ أَوْ لَا يَعْرِفُهُ؛ فَثِنْتَانِ) لِأَنَّ ذَلِكَ مُوجِبُهُ عِنْدَهُمْ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا) بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً فِي ثِنْتَيْنِ (وَقَعَ مِنْ حَاسِبٍ طَلْقَتَانِ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ إرَادَةُ الضَّرْبِ، (وَ) وَقَعَ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ الْحَاسِبِ (طَلْقَةً) لِأَنَّ لَفْظَ الْإِيقَاعِ اقْتِرَانٌ بِالْوَاحِدَةِ، وَجَعَلَ الِاثْنَيْنِ ظَرْفًا، وَلَمْ يَقْتَرِنْ بِهِمَا إيقَاعٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute