الْإِكْثَارِ مِنْهُ لَمَّا عَصَوْا بِجَمْعِ الثَّلَاثِ، فَيَكُونُ عُقُوبَةَ مَنْ لَمْ يَتَّقِ اللَّهَ مِنْ التَّغْرِيرِ الَّذِي يَرْجِعُ فِيهِ إلَى اجْتِهَادِ الْأَئِمَّةِ كَالزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِينَ فِي حَدِّ الْخَمْرِ لَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ مِنْهَا وَأَظْهَرُوهُ، سَاغَتْ الزِّيَادَةُ عُقُوبَةً. انْتَهَى.
(وَاخْتَارَهُ) أَيْ: الْقَوْلَ بِأَنَّ الثَّلَاثَ مَجْمُوعَةً (وَ) مُتَفَرِّقَةً فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ قَبْلَ رَجْعَةٍ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ (ابْنُ الْقَيِّمِ وَ) اخْتَارَهُ أَيْضًا (كَثِيرٌ مِنْ) تَلَامِذَةِ الشَّيْخِ (وَأَتْبَاعُهُ) وَمُعَاصِرِيهِ وَغَيْرُهُمْ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: هُوَ مَذْهَبُ أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَعَطَاءٍ وَطَاوُوسٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، نَقَلَهُ الْحَافِظُ شِهَابُ الدِّينِ بْنُ حَجَرٍ فِي " شَرْحِ الْبُخَارِيِّ " وَحَكَى الْمُوَفَّقُ عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُوسٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي الشَّعْثَاءِ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ مَنْ طَلَّقَ الْبِكْرَ ثَلَاثًا، فَهِيَ وَاحِدَةٌ انْتَهَى.
أَقُولُ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ أُوذِيَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بِسَبَبِ إفْتَائِهِ بِهَا، وَحَصَلَ لَهُ مِنْ الْمِحَنِ وَالْقَلَاقِلِ مِنْ حُسَّادِهِ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ مَنْ لَهُ اطِّلَاعٌ عَلَى سِيرَتِهِ وَمَنَاقِبِهِ، وَلَهُ فِيهَا مُصَنَّفَاتٌ عَدِيدَةٌ مِنْهَا كِتَابُ " تَحْقِيقِ الْفُرْقَانِ بَيْنَ التَّطْلِيقِ وَالْأَيْمَانِ " مُجَلَّدٌ كَبِيرٌ؛ وَمِنْهَا قَاعِدَةُ الْفَرْقِ الْمُبِينِ بَيْنَ التَّطْلِيقِ وَالْيَمِينِ " وَمِنْهَا " لَمْحَةِ الْمُخْتَطِفِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْحَلِفِ " وَمِنْهَا " قَاعِدَةُ التَّفْصِيلِ بَيْنَ التَّكْفِيرِ وَالتَّحْلِيلِ " وَمِنْهَا " قَاعِدَةُ سَمَاعِ اللُّمْعَةِ " وَ " الرِّسَالَةُ الْبَغْدَادِيَّةُ " وَقَوَاعِدُ وَرَسَائِلُ وَأَجْوِبَةٌ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّنْ لَا يَنْضَبِطُ وَلَا يَنْحَصِرُ، وَلَهُ جَوَابُ اعْتِرَاضٍ وَرَدَ عَلَيْهِ مِنْ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَهُوَ جَوَابٌ طَوِيلٌ فِي ثَلَاثِ مُجَلَّدَاتٍ إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَالْمَذْهَبُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ فَتَنَبَّهْ لَهُ، وَسَيَأْتِي فَرْعٌ آخَرُ مِنْ اخْتِيَارَاتِ الشَّيْخِ فِي آخِرِ الْفَصْلِ الَّذِي يَلِي بَابَ الطَّلَاقِ فِي الْمَاضِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَالصَّحِيحُ مَا تَقَدَّمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute