(وَ) مَنْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ (إنْ كَلَّمْتُمَا زَيْدًا وَعَمْرًا، فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ، فَكَلَّمَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُمَا (وَاحِدًا) بِأَنْ كَلَّمَتْ وَاحِدَةٌ زَيْدًا، وَالْأُخْرَى عَمْرًا (طَلُقَتَا) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَهُمَا عَلَى كَلَامِهِمَا، وَقَدْ وُجِدَ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ جُمْلَةِ قَاعِدَةٍ، وَهِيَ أَنَّا.
(إذَا وَجَدْنَا جُمْلَةً ذَاتَ عَدَدٍ مُوَزَّعَةً عَلَى جُمْلَةٍ أُخْرَى فَهَلْ يَتَوَزَّعُ أَفْرَادُ الْجُمَلِ الْمُوَزَّعَةِ عَلَى أَفْرَادِ الْأُخْرَى أَوْ كُلُّ فَرْدٍ مِنْهَا عَلَى مَجْمُوعِ الْجُمْلَةِ الْأُخْرَى) ؟ وَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنْ تُوجَدَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى تَعْيِينِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ، فَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، فَمِثَالُ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْقَرِينَةُ فِيهِ عَلَى تَوْزِيعِ الْجُمْلَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ الْأُخْرَى، فَيُقَابَلُ كُلُّ فَرْدٍ كَامِلٍ بِفَرْدٍ يُقَابِلُهُ، إمَّا لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ، أَوْ دَلَالَةِ الشَّرْعِ عَلَى ذَلِكَ، وَإِمَّا لِاسْتِحَالَةِ مَا سِوَاهُ، كَمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ: إنْ أَكَلْتُمَا هَذَيْنِ الرَّغِيفَيْنِ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ، فَإِذَا أَكَلَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا رَغِيفًا طَلُقَتْ لِاسْتِحَالَةِ أَكْلِ كُلِّ وَاحِدَةٍ الرَّغِيفَيْنِ وَ (كَمَا لَوْ قَالَ) لَهُمَا (إنْ رَكِبْتُمَا دَابَّتَيْكُمَا أَوْ لَبِسْتُمَا ثَوْبَيْكُمَا) فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَرَكِبَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا دَابَّتَهَا، وَلَبِسَتْ ثَوْبَهَا؛ طَلُقَتْ، أَوْ قَالَ لِعَبْدَيْهِ إنْ رَكِبْتُمَا دَابَّتَيْكُمَا، أَوْ لَبِسْتُمَا ثَوْبَيْكُمَا، أَوْ تَقَلَّدْتُمَا بِسَيْفَيْكُمَا، أَوْ دَخَلْتُمَا بِزَوْجَتَيْكُمَا فَأَنْتُمَا حُرَّانِ، فَمَتَى وُجِدَ كُلُّ وَاحِدٍ رَكِبَ دَابَّتَهُ أَوْ لَبِسَ ثَوْبَهُ أَوْ تَقَلَّدَ بِسَيْفِهِ أَوْ دَخَلَ بِزَوْجَتِهِ؛ تَرَتَّبَ عَلَيْهِمَا الْعِتْقُ؛ لِأَنَّ الِانْفِرَادَ بِهَذَا عُرْفِيٌّ، وَفِي بَعْضِهِ كَالدُّخُولِ بِالزَّوْجَةِ شَرْعِيٌّ، فَيَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ إلَى تَوْزِيعِ الْجُمْلَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ.
قَالَ الْمُوَفَّقُ فِي " الْمُغْنِي ": وَمِثَالُ مَا دَلَّتْ الْقَرِينَةُ فِيهِ عَلَى تَوْزِيعِ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْجُمْلَةِ عَلَى جَمِيعِ أَفْرَادِ الْجُمْلَةِ الْأُخْرَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (لَا إنْ قَالَ) لِزَوْجَتَيْهِ (إنْ كَلَّمْتُمَا زَيْدًا أَوْ كَلَّمْتُمَا عَمْرًا فَ) أَنْتُمَا طَالِقَتَانِ، وَكَلَّمَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ وَاحِدًا؛ فَلَا تَطْلُقَانِ (حَتَّى يُكَلِّمَا كُلًّا مِنْهُمَا) أَيْ: مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ؛ طَلَاقَهُمَا بِكَلَامِهِمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
الْقَسَمِ الثَّانِي: أَنْ لَا يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى إرَادَةِ أَحَدِ التَّوْزِيعَيْنِ، فَهَلْ يُحْمَلُ التَّوْزِيعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute