للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَدْخُلَ كُلُّهَا، أَلَا تَرَى أَنْ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ كُلِّي أَوْ بَعْضِي، لِأَنَّ الْكُلَّ لَا يَكُونُ بَعْضًا، وَالْبَعْضَ لَا يَكُونُ كُلًّا، وَلِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ إلَى عَائِشَةَ، فَتُرَجِّلُهُ وَهِيَ حَائِضٌ، وَالْمُعْتَكِفُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَالْحَائِضُ مَمْنُوعَةٌ مِنْ اللُّبْثِ فِيهِ.

(فَمِنْ حَلَفَ عَلَى مُمْسِكٍ مَأْكُولًا) كَرُمَّانَةٍ أَوْ تُفَّاحَةٍ (لَا آكُلُهُ وَلَا أَمْسِكُهُ، فَأَكَلَ بَعْضًا وَرَمَى الْبَاقِيَ) أَوْ أَمْسَكَهُ، لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْهُ كُلَّهُ، وَلَمْ يُمْسِكْهُ كُلَّهُ، فَإِنْ نَوَى بِقَوْلِهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا، أَوْ عَلَى زَوْجَتِهِ وَنَحْوِهَا لَا تَفْعَلُ كَذَا فَعَلَ الْجَمِيعَ أَوْ فَعَلَ الْبَعْضَ فَيَمِينُهُ عَلَى مَا نَوَى؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ مُخَصَّصَةٌ، وَكَذَا لَوْ اقْتَضَى سَبَبُ الْيَمِينِ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ، وَإِنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ تَقْتَضِي أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ الْجَمِيعَ أَوْ الْبَعْضَ؛ تَعَلَّقَ الْحِنْثُ بِهِ كَمَا يَأْتِي

(أَوْ) حَلَفَ (لَا يَدْخُلُ دَارًا، فَأَدْخَلَهَا بَعْضَ جَسَدِهِ، أَوْ دَخَلَ طَاقَ بَابِهَا) لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهَا بِجُمْلَتِهِ، (أَوْ) حَلَفَ عَلَى امْرَأَةٍ (لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا، فَلَبِسَ ثَوْبًا فِيهِ مِنْهُ) أَيْ غَزْلِهَا، لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ كُلَّهُ لَيْسَ مِنْ غَزْلِهَا (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَشْرَبُ مَاءَ هَذَا الْإِنَاءِ، فَشَرِبَ بَعْضَهُ) لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَبْهُ بَلْ بَعْضَهُ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَبِيعُ عَبْدَهُ وَلَا يَهَبُهُ) أَوْ يُؤَجِّرُهُ وَنَحْوُهُ (فَبَاعَ أَوْ وَهَبَ) أَوْ أَجَّرَهُ وَنَحْوَهُ (بَعْضَهُ) أَوْ بَاعَ بَعْضَهُ، وَوَهَبَ بَاقِيَهُ؛ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْهُ كُلَّهُ، وَلَا وَهَبَهُ كُلَّهُ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ فُلَانٌ شَيْئًا، فَقَامَتْ بَيِّنَةٌ) عَلَى الْحَالِفِ (بِسَبَبِ الْحَقِّ مِنْ قَرْضٍ أَوْ نَحْوِهِ) بِأَنْ شَهِدَتْ بِأَنَّ الْحَالِفَ اقْتَرَضَ مِنْهُ أَوْ ابْتَاعَ أَوْ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ (دُونَ أَنْ يَقُولَا) أَيْ: الشَّاهِدَانِ (وَهُوَ) أَيْ: الدَّيْنُ بَاقٍ (عَلَيْهِ) أَيْ: الْحَالِفِ.

(وَيَتَّجِهُ) أَنَّ شَهَادَتَهُمَا بِسَبَبِ الْحَقِّ لَا تَفْتَقِرُ إلَى قَوْلِهِمَا، وَهُوَ بَاقٍ عَلَيْهِ إنْ كَانَا فَارَقَا الْحَالِفَ، وَأَمَّا (إنْ كَانَا) أَيْ: الشَّاهِدَانِ (لَمْ يُفَارِقَاهُ) مِنْ حِينِ تَرَتَّبَ الْحَقُّ عَلَيْهِ إلَى حِينِ حَلِفِهِ؛ فَلَا بُدَّ مِنْ قَوْلِهِمَا بَعْدَ أَنْ شَهِدَا بِسَبَبِ الْحَقِّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>