الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ صَحِيحًا، لِأَنَّ مَنْ نِكَاحُهَا فَاسِدٌ تَبِينُ بِالطَّلَاقِ؛ فَلَا تُمْكِنُ رَجْعَتُهَا، وَلِأَنَّ الرَّجْعَةَ إعَادَةٌ إلَى النِّكَاحِ، فَإِذَا لَمْ تَحِلَّ بِالنِّكَاحِ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ؛ وَجَبَ أَنْ لَا تَحِلَّ بِالرَّجْعَةِ إلَيْهِ الثَّالِثُ: أَنَّهُ يُطَلِّقُ دُونَ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ، وَهُوَ الثَّلَاثُ لِلْحُرِّ وَالِاثْنَتَانِ لِلْعَبْدِ؛ لِأَنَّ مَنْ اسْتَوْفَى عَدَدَ طَلَاقِهِ لَا تَحِلُّ لَهُ مُطَلَّقَتُهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، فَلَا تُمْكِنُ رَجْعَتُهَا لِذَلِكَ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ بِغَيْرِ عِوَضٍ؛ لِأَنَّهُ الْعِوَضُ فِي الطَّلَاقِ إنَّمَا جُعِلَ لِتَفْتَدِي بِهِ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا مِنْ الزَّوْجِ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ مَعَ ثُبُوتِ الرَّجْعَةِ، فَإِذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ كَانَ لَهُ رَجْعَتُهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ لِلْإِجْمَاعِ، وَدَلِيلُهُ مَا سَبَقَ (أَوْ أَمَةٌ) عَلَى أَمَةٍ أَوْ أَمَةٌ (عَلَى حُرَّةٍ) لِأَنَّهَا اسْتِدَامَةٌ لِلنِّكَاحِ، لَا ابْتِدَاءٌ لَهُ، أَوْ كَانَتْ الرَّجْعِيَّةُ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً، وَأَبَى (وَلِيٌّ) رَجْعَتَهَا، لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ حُرَّةً مُكَلَّفَةً؛ لَمْ يُعْتَبَرْ رِضَاهَا؛ فَكَذَا سَيِّدُهَا أَوْ وَلِيُّهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الرَّجْعَةِ إرَادَةُ الْإِصْلَاحِ، وَالْآيَةُ لِلتَّحْرِيضِ عَلَى الْإِصْلَاحِ وَالْمَنْعِ مِنْ قَصْدِ الْإِضْرَارِ.
وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ: خَلَوْت بِك قَبْلَ الطَّلَاقِ فَلِي عَلَيْك الرَّجْعَةُ (فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي دَعْوَاهُ الْخَلْوَةَ) بِهَا (لِيُرَاجِعَ) هَذَا (إنْ كَذَّبَتْهُ) بِأَنْ قَالَتْ: لَمْ تَخْلُ بِي قَبْلَ الطَّلَاقِ؛ فَلَا رَجْعَةَ لَك عَلَيَّ، بَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهَا، وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا سُكْنَى، فَأَمَّا الْمَهْرُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَبَضَتْهُ فَلَا تَسْتَحِقُّ إلَّا نِصْفَهُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا بِكُلِّهِ فَهِيَ لَا تَدَّعِي إلَّا نِصْفَهُ، وَلَا تُصَدِّقُهُ فِي إقْرَارِهِ (كَمَا لَا يُقْبَلُ مِنْهَا) لَوْ ادَّعَتْ أَنَّهُ خَلَا بِهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ (لِيَكْمُلَ صَدَاقٌ، فَكَذَّبَهَا) الزَّوْجُ بِأَنْ قَالَ: طَلَّقْتُك قَبْلَ الْخَلْوَةِ، فَلَيْسَ لَك سِوَى نِصْفِ الصَّدَاقِ، وَحَيْثُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِدَعْوَاهَا الْخَلْوَةَ.
(فَإِنْ ادَّعَاهَا) أَيْ: الْخَلْوَةَ (بَعْدَ قَبْضِهِ) أَيْ: بَعْدَ أَنْ صَارَ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا فِي يَدِهَا (لِيُرَاجِعَهَا، فَأَنْكَرَتْ) كَوْنَهُ خَلَا بِهَا (لَمْ يَرْجِعْ) عَلَيْهَا (بِشَيْءٍ) مِنْ الصَّدَاقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute