مِنْ الْقَوْلِ حَرَّمَ دَوَاعِيهِ كَالطَّلَاقِ وَالْإِحْرَامِ، بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ؛ فَلَهُ إخْرَاجُهَا قَبْلَ الْحِنْثِ وَبَعْدَهُ (وَتَثْبُتُ) أَيْ: تَسْتَقِرُّ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ (فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ: الْمُظَاهِرِ (بِالْعَوْدِ) وَهُوَ الْوَطْءُ نَصًّا، لَا الْعَزْمِ عَلَيْهِ، فَلَا تَسْتَقِرُّ بِذَلِكَ إلَّا أَنَّهَا شَرْطٌ لِحِلِّ الْوَطْءِ فَيُؤْمَرُ بِهَا مَنْ أَرَادَهُ لِيَسْتَحِلَّهُ بِهَا كَمَا يُؤْمَرُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ مَنْ أَرَادَ حِلَّ الْمَرْأَةِ (وَلَوْ) كَانَ مِنْ الْوَطْءِ (مِنْ مَجْنُونٍ) بِأَنْ ظَاهَرَ، ثُمَّ جُنَّ.
(وَيَتَّجِهُ) أَوْ كَانَ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَةٍ فَبَانَتْ مِنْهُ، ثُمَّ وَطِئَهَا (بِزِنًا) فَعَلَيْهِ أَنْ يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ، لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ عَادَ إلَى الْوَطْءِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ (لَا) إنْ كَانَ الْوَطْءُ (مِنْ مُكْرَهٍ) لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِالْإِكْرَاهِ، وَنَائِمٍ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعَوْدَ هُوَ الْوَطْءُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ ضِدَّ قَوْلِ الْمُظَاهِرِ، إذْ الْمُظَاهِرُ حَرَّمَ الْوَطْءَ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنَعَهَا مِنْهُ، فَالْعَوْدُ فِعْلُهُ، وَأَمَّا الْإِمْسَاكُ عَنْ الْوَطْءِ فَلَيْسَ بِعَوْدٍ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [المجادلة: ٣] وَثُمَّ لِلتَّرَاخِي، وَالْإِمْسَاكُ غَيْرُ مُتَرَاخٍ؛ وَلِأَنَّ الظِّهَارَ يَمِينٌ يَقْتَضِي تَرْكَ الْوَطْءِ فَلَا يَجِبُ كَفَّارَةٌ إلَّا بِهِ كَالْإِيلَاءِ.
(وَيَأْثَمُ كَلِفٌ) بِوَطْءٍ وَدَوَاعِيهِ قَبْلَ تَكْفِيرٍ؛ لِمَا تَقَدَّمَ (ثُمَّ) إنْ وَطِئَ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ (لَا يَطَأُ) بَعْدُ (حَتَّى يُكَفِّرَ) لِلْخَبَرِ، وَلِبَقَاءِ التَّحْرِيمِ (وَتُجْزِئُهُ) كَفَّارَةٌ (وَاحِدَةٌ) وَلَوْ كَرَّرَ الْوَطْءَ، لِلْخَبَرِ، وَلِأَنَّهُ وُجِدَ الْعَوْدُ وَالظِّهَارُ، فَدَخَلَ فِي عُمُومِ {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: ٣] لِآيَتَيْنِ (كَمُكَرِّرٍ ظِهَارًا مِنْ) امْرَأَةٍ (وَاحِدَةٍ قَبْلَ تَكْفِيرٍ وَلَوْ) كَرَّرَهُ (بِمَجَالِسَ، أَوْ أَرَادَ) بِتَكْرَارِهِ (اسْتِئْنَافًا) نَصًّا؛ لِأَنَّ تَكْرِيرَهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي تَحْرِيمِ الزَّوْجَةِ؛ لِتَحْرِيمِهَا بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ، فَلَمْ تَكْفِ كَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ وَكَذَا لَوْ ظَاهَرَ (مِنْ نِسَاءٍ بِكَلِمَةٍ) كَقَوْلِهِ أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ رَوَاهُ الْأَثْرَمُ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ، وَلِأَنَّهُ ظِهَارٌ وَاحِدٌ.
وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute