فَإِنْ أَعْتَقَ أَوْ أَطْعَمَ فِي الظِّهَارِ، لَمْ يُجْزِئْهُ ذَلِكَ؛ وَلَمْ يَنْفُذْ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ صَرِيحٌ فِي كِتَابِ الْحَجْرِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ وَهِيَ (عِتْقُ رَقَبَةٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكَيْنَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: ٣] الْآيَتَيْنِ، «وَلِحَدِيثِ خَوْلَةَ حِينَ ظَاهَرَ مِنْهَا أَوْسٌ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْتِقُ رَقَبَةً قَالَتْ: لَا يَجِدُ قَالَ: فَيَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَتْ: شَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ قَالَ: فَيُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكَيْنَا» (وَكَذَا كَفَّارَةُ قَتْلٍ) فِي التَّرْتِيبِ (إلَّا أَنَّهُ لَا إطْعَامَ فِيهَا) لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَذَكَرَهُ كَالْعِتْقِ وَالصِّيَامِ (وَالْمُعْتَبَرُ) فِي كَفَّارَاتٍ مَنْ قُدْرَةٍ أَوْ عَجْزٍ (وَقْتَ وُجُوبِ) كَفَّارَةٍ (كَحَدٍّ وَقَوَدٍ) فَيُعْتَبَرَانِ بِوَقْتِ الْوُجُوبِ (وَهُوَ) أَيْ: وَقْتُ الْوُجُوبِ (هُنَا) أَيْ: فِي الظِّهَارِ (مِنْ الْعَوْدِ) إلَى الْوَطْءِ أَيْ بَعْدَهُ (وَفِي الْيَمِينِ مِنْ الْحِنْثِ، وَفِي الْقَتْلِ، مِنْ الزُّهُوقِ) فَمَنْ قَذَفَ، وَهُوَ عَبْدٌ، ثُمَّ عَتَقَ؛ لَمْ يُجْلَدْ إلَّا جَلْدَ عَبْدٍ، وَمَنْ حَنِثَ وَهُوَ عَبْدٌ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا كَفَّارَةُ عَبْدٍ، لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ عَلَى وَجْهِ الطُّهْرَةِ فَكَانَ الِاعْتِبَارُ بِهَا بِحَالِ الْوُجُوبِ كَالْحَدِّ، بِخِلَافِ الْمُتَيَمِّمِ فَإِنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ، وَهُنَا لَوْ صَامَ، ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الرَّقَبَةِ، لَمْ يُبْطِلْ صَوْمَهُ، وَلَوْ قَتَلَ قِنًّا وَهُوَ رَقِيقٌ؛ ثُمَّ عَتَقَ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْقَوَدُ.
(فَلَوْ أَعْسَرَ مُوسِرٌ قَبْلَ تَكْفِيرٍ لَمْ يُجْزِهِ صَوْمٌ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ، وَتَبْقَى الرَّقَبَةُ فِي ذِمَّتِهِ إلَى يَسَارِهِ كَسَائِرِ مَا وَجَبَ، وَعَجَزَ عَنْ أَدَائِهِ (أَوْ أَيْسَرَ مُعْسِرٌ) بَعْدَ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ مُعْسِرًا (أَوْ عَتَقَ قِنٌّ) بَعْدَ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ رَقِيقًا (لَمْ يَلْزَمْهُ عِتْقٌ) اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الْوُجُوبِ (وَيُجْزِئُهُ) الْعِتْقُ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْكَفَّارَاتِ (وَيَتَّجِهُ بَلْ) الْعِتْقُ (أَفْضَلُ) مِنْ الصِّيَامِ؛ لِتَشَوُّقِ الشَّارِعِ إلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ أَوَّلُ شَيْءٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute