وَيُفَارِقُ قَذْفَ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ، لِأَنَّهَا خَانَتْهُ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى نَفْيِهِ، وَأَمَّا مَنْ تَزَوَّجَهَا - وَهُوَ يَعْلَمُ زِنَاهَا - فَهُوَ مُفَرِّطٌ فِي نِكَاحِ حَامِلٍ مِنْ زِنًا؛ فَلَا يُشْرَعُ لَهُ طَرِيقٌ إلَى نَفْيِهِ (كَمَنْ أَنْكَرَ قَذْفَ زَوْجَتِهِ مَعَ بَيِّنَةٍ) عَلَيْهِ بِقَذْفِهَا؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ قَذْفَهَا فَكَيْف يَحْلِفُ عَلَى إثْبَاتِهِ؟ أَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ بِقَذْفِهَا فَلَا يُلَاعِنُ، لِعَدَمِ تَأَتِّي حَلِفُهُ عَلَى إثْبَاتِ مَا يُعْرَفُ بِكَذِبِهِ فِيهِ.
(وَمَنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ وَ) امْرَأَةً (أَجْنَبِيَّةً) أَوْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ وَرَجُلًا أَجْنَبِيًّا بِكَلِمَتَيْنِ (فَعَلَيْهِ حَدَّانِ) لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَدٌّ (إلَّا إنْ أَقَامَ بَيِّنَةً) عَلَى صِدْقِ مَا قَالَهُ، فَيَخْرُجُ مِنْ حَدِّ الْأَجْنَبِيَّةِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ، أَوْ بِالتَّصْدِيقِ وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً (أَوَّلًا عَنْ الزَّوْجَةِ) أَوْ صَدَّقَتْهُ؛ خَرَجَ مِنْ حَدِّهَا، وَكَذَا إنْ قَذَفَهُمَا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُلَاعِنْ، وَلَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً - وَلَا تَصْدِيقَ - فَحَدٌّ وَاحِدٌ، لِأَنَّ الْقَذْفَ وَاحِدٌ.
وَإِنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: يَا زَانِيَةَ بِنْتَ الزَّانِيَةِ، فَقَدْ قَذَفَهَا وَأُمَّهَا بِكَلِمَتَيْنِ؛ فَعَلَيْهِ لَهُمَا حَدَّانِ، فَإِنْ حُدَّ لِأَحَدِهِمَا لَمْ يَحُدَّ لِلْأُخْرَى حَتَّى يَبْرَأَ جِلْدُهُ مِنْ حَدِّ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ زَجْرُهُ، لَا هَلَاكُهُ.
(وَمَنْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ) الْأَمَةَ (فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لَا يُمْكِنُ) كَوْنُهُ (مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ) كَإِتْيَانِهَا بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ مَلَكَهَا، وَعَاشَ (فَلَهُ نَفْيُهُ بِلِعَانٍ) لِأَنَّهُ مُضَافٌ لِحَالِ الزَّوْجِيَّةِ، وَإِلَّا بِأَنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ كَأَنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مُنْذُ مَلَكَهَا (لَمْ يَنْفِهِ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مِنْهُ (وَيُعَزَّرُ) زَوْجٌ (بِقَذْفِ زَوْجَةٍ صَغِيرَةٍ لَمْ تَبْلُغْ تِسْعًا أَوْ مَجْنُونَةٍ) لِأَنَّ الْقَذْفَ لَا يَنْحَطُّ عَنْ دَرَجَةِ النَّسَبِ، وَهُوَ يُوجِبُ التَّعْزِيرَ؛ فَكَذَا هُنَا (وَلَا لِعَانَ) لِمَا تَقَدَّمَ، وَلِأَنَّهُ يَمِينٌ فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ كَسَائِرِ الْأَيْمَانِ، وَلَا يُحْتَاجُ فِي التَّعْزِيرِ إلَى مُطَالَبَةٍ مِنْ وَلِيِّهَا أَوْ غَيْرِهِ، فَيُقَيِّمُهُ الْحَاكِمُ بِلَا طَلَبٍ إذَا رَآهُ؛ لِأَنَّهُ مَشْرُوعٌ لِلتَّأْدِيبِ، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةٌ يُوطَأُ مِثْلُهَا كَابْنَةِ تِسْعٍ فَصَاعِدًا؛ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ كَسَائِرِ الْمُحْصَنَاتِ، وَلَيْسَ لِوَلِيِّهَا الْمُطَالَبَةُ بِهِ وَلَا بِالتَّعْزِيرِ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلتَّشَفِّي؛ فَلَا تَدْخُلُهُ الْوِلَايَةُ كَالْقِصَاصِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute