(مُلِكَتْ) بِالْبَقَاءِ لِلْمَفْعُولِ حَالَ كَوْنِهَا (مُزَوَّجَةً قَبْلَ دُخُولٍ وَجَبَ اسْتِبْرَاؤُهَا) نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ هَذِهِ حِيلَةٌ وَضَعَهَا أَهْلُ الرَّأْيِ. رُوِيَ أَنَّ الرَّشِيدَ اشْتَرَى جَارِيَةً فَأَفْتَاهُ أَبُو يُوسُفَ أَنْ يُعْتِقَهَا وَيَتَزَوَّجَهَا وَيَطَأَهَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مَا أَعْظَمَ هَذَا، أَبْطَلُوا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا كَيْفَ يُصْنَعُ هَذَا، لَا يَدْرِي أَهِيَ حَامِلٌ أَمْ لَا مَا أَسْمَجَ هَذَا. وَحَاصِلُهُ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَائِهَا؛ لِأَنَّهُ تَجَدَّدَ لَهُ الْمِلْكُ فِيهَا، وَلَمْ يَحْصُلْ اسْتِبْرَاؤُهَا فِي مِلْكِهِ؛ فَلَا تَحِلُّ بِغَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ مُزَوَّجَةً، وَلِأَنَّ إسْقَاطَ الِاسْتِبْرَاءِ هُنَا ذَرِيعَةٌ إلَى جَوَازِ سُقُوطِ الِاسْتِبْرَاءِ بِأَنْ زَوَّجَ الْبَائِعُ أَمَتَهُ قَبْلَ بَيْعِهَا، فَإِذَا تَمَّ الْبَيْعُ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ دُخُولِهِ.
الْمَوْضِعُ (الثَّانِي إذَا وَطِئَ أَمَتَهُ) الَّتِي يُوطَأُ مِثْلُهَا (ثُمَّ أَرَادَ تَزْوِيجَهَا لِغَيْرِهِ أَوْ أَرَادَ بَيْعَ) مَوْطُوءَةٍ (غَيْرِ آيِسَةٍ حَرُمَا) أَيْ: التَّزْوِيجُ وَالْبَيْعُ (حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا) لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يَلْزَمُهُ اسْتِبْرَاءٌ فَيُفْضِي إلَى اخْتِلَاطِ الْمِيَاهِ وَاشْتِبَاهِ الْأَنْسَابِ، وَلِأَنَّ عُمَرَ أَنْكَرَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بَيْعَ جَارِيَةٍ كَانَ يَطَؤُهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا، وَلِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ لِحِفْظِ مَائِهِ فَكَذَا الْبَائِعُ وَلِلشَّكِّ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ أُمَّ وَلَدٍ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَشْتَرِيهَا مَنْ لَا يَسْتَبْرِئُهَا فَيُفْضِي إلَى اخْتِلَاطِ الْمِيَاهِ وَاشْتِبَاهِ الْأَنْسَابِ.
وَأَمَّا الْآيِسَةُ فَلَا يَلْزَمُهُ اسْتِبْرَاؤُهَا إذَا أَرَادَ بَيْعَهَا قَوْلًا وَاحِدًا عِنْدَ الْمُوَفَّقِ وَالشَّارِحِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الْوُجُوبِ احْتِمَالُ الْحَمْلِ وَهُوَ بَعِيدٌ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ اسْتِبْرَاؤُهَا عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ (فَلَوْ خَالَفَ) فَزَوَّجَهَا أَوْ بَاعَهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا (صَحَّ بَيْعٌ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَمْلِ (لَا نِكَاحٌ) فَلَا يَصِحُّ كَتَزْوِيجِ الْمُعْتَدَّةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يُرَادُ إلَّا الِاسْتِمْتَاعُ؛ فَلَا يَجُوزُ إلَّا فِيمَنْ تَحِلُّ لَهُ، وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ مُعْتَدَّةٍ وَلَا مُرْتَدَّةٍ، وَالْبَيْعُ يُرَادُ لِغَيْرِ ذَلِكَ، فَيَصِحُّ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ (وَلَمْ يَجُزْ لِمُشْتَرٍ أَيْضًا أَنْ يُزَوِّجَهَا قَبْلَ اسْتِبْرَاءٍ، فَإِنْ لَمْ يَطَأْ) الْبَائِعُ الْأَمَةَ (أُبِيحَا) أَيْ الْبَيْعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute