وَهِيَ أَصْنَافٌ: نَفَقَةُ الزَّوْجَاتِ، وَهِيَ الْمَقْصُودَةُ هُنَا، وَنَفَقَةُ الْأَقَارِبِ وَالْمَمَالِيكِ وَتَأْتِي (فَعَلَى زَوْجٍ مَا لَا غِنَاءَ لِزَوْجَتِهِ عَنْهُ) إجْمَاعًا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: ٧] الْآيَةَ. وَمَعْنَى (قُدِرَ) ضُيِّقَ.
لِحَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: «اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّهُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ، أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد.
وَأَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ عَلَى الزَّوْجِ إذَا كَانَا بَالِغَيْنِ وَلَمْ تَكُنْ نَاشِزًا. ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ، وَلِأَنَّ الزَّوْجَةَ مَحْبُوسَةٌ لِحَقِّ الزَّوْجِ، يَمْنَعُهَا ذَلِكَ عَنْ التَّصَرُّفِ وَالْكَسْبِ، فَتَجِبُ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِ (وَلَوْ) كَانَتْ (مُعْتَدَّةً مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، وَيَتَّجِهُ وَلَمْ تَحْمِلْ) مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ، أَمَّا إذَا حَمَلَتْ فَنَفَقَتُهَا عَلَى مَنْ أَحْبَلَهَا مُدَّةَ الْحَمْلِ، لِأَنَّ الْوَلَدَ لَاحِقٌ بِهِ وَالنَّفَقَةَ لَهَا عَلَيْهِ إلَى الْوَضْعِ، وَهَذَا مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ " فَلَا حَاجَةَ لِجَعْلِهِ اتِّجَاهًا، وَمَحَلُّ وُجُوبِ نَفَقَةِ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ عَلَى الزَّوْجِ إنْ كَانَتْ (غَيْرَ مُطَاوِعَةٍ) لِوَاطِئٍ كَمَا لَوْ أَكْرَهَهَا أَوْ وَطِئَهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ فَإِنْ طَاوَعَتْ عَالِمَةً أَنَّهُ غَيْرُ زَوْجِهَا، أَوْ تَظُنُّهُ غَيْرَهُ؛ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا (مِنْ مَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ وَكِسْوَةٍ وَسُكْنَى بِالْمَعْرُوفِ) بَيَانٌ لِمَا لَا غِنَاءَ لَهَا عَنْهُ؛ لِحَدِيثِ جَابِرٍ.
(وَيَعْتَبِرُ حَاكِمٌ ذَلِكَ إنْ تَنَازَعَا) أَيْ: الزَّوْجَانِ فِي قَدْرِ ذَلِكَ أَوْ صِفَتِهِ (بِحَالِهِمَا) أَيْ: الزَّوْجَيْنِ يَسَارًا وَإِعْسَارًا لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا، لِأَنَّ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ لِلزَّوْجَةِ؛ فَكَانَ النَّظَرُ يَقْتَضِي أَنْ يُعْتَبَرَ ذَلِكَ بِحَالِهَا كَالْمَهْرِ، لَكِنْ قَالَ تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: ٧] الْآيَةَ فَأَمَرَ الْمُوسِرَ بِالسَّعَةِ فِي النَّفَقَةِ، وَرَدَّ الْفَقِيرَ إلَى اسْتِطَاعَتِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute