فِيهِ (حَتَّى يُرَاسَلَهُ حَاكِمٌ) بِأَنْ يَكْتُبَ إلَى حَاكِمِ الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ بِهِ، فَيُعْلِمُهُ، وَيَسْتَدْعِيهِ (وَيَتَّجِهُ أَوْ) يُرَاسِلُهُ (غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْحَاكِمِ، كَمَا لَوْ رَاسَلَتْهُ هِيَ أَوْ وَلِيُّهَا لَكِنْ قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: لَوْ رَاسَلَتْهُ هِيَ بِنَفْسِهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانِ حَاكِمٍ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُفْرَضُ لَهَا (وَيَمْضِي زَمَنٌ يُمْكِنُ قُدُومُهُ) أَيْ: الْغَائِبِ (فِي مِثْلِهِ) أَيْ: مِثْلِ ذَلِكَ الزَّمَنِ. فَإِنْ سَارَ إلَيْهَا أَوْ وَكَّلَ مَنْ يَجُوزُ لَهُ حَمْلُهَا إلَيْهِ، وَجَبَتْ النَّفَقَةُ حِينَئِذٍ بِوُصُولِهِ أَوْ وُصُولِ وَكِيلِهِ. وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَرَضَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ نَفَقَتَهَا مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ يُمْكِنُ وُصُولُهُ إلَيْهَا فِيهِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ امْتَنَعَ مِنْ تَسَلُّمِهَا؛ لِإِمْكَانِهِ وَبَذْلِهَا إيَّاهُ فَتَسْتَحِقُّ أَخْذَ نَفَقَتِهَا كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا.
فَأَمَّا إنْ غَابَ الزَّوْجُ بَعْدَ تَمْكِينِهَا إيَّاهُ وَوُجُوبِ نَفَقَتِهَا عَلَيْهِ؛ لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ، بَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ غَيْبَتِهِ؛ لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ النَّفَقَةَ بِالتَّمْكِينِ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهَا مَا يُسْقِطُهُ، وَإِنْ تَسَلَّمَ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ الَّتِي يُمْكِنُ وَطْؤُهَا أَوْ الْمَجْنُونَةَ الَّتِي يُوطَأُ مِثْلُهَا وَلَوْ بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهَا؛ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهَا كَالْكَبِيرَةِ وَالْعَاقِلَةِ. وَمَنْ امْتَنَعَتْ مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا. أَوْ مَنَعَهَا غَيْرُهَا وَلِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (بَعْدَ دُخُولٍ وَلَوْ لِقَبْضِ صَدَاقِهَا) الْحَالِّ (فَلَا نَفَقَةَ لَهَا) وَكَذَا إنْ تَسَاكَنَا بَعْدَ الْعَقْدِ، فَلَمْ تَبْذُلْ نَفْسَهَا هِيَ أَوْ وَلِيُّهَا، وَلَمْ يَطْلُبْهَا الزَّوْجُ، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَإِنْ طَالَ مُقَامُهَا عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ الْمُسْتَحَقِّ بِعَقْدِ النِّكَاحِ، فَإِذَا وُجِدَ اسْتَحَقَّتْ، وَإِذَا فُقِدَ لَمْ تَسْتَحِقَّ شَيْئًا. وَإِنْ مَنَعَتْ نَفْسَهَا قَبْلَهُ أَيْ: الدُّخُولِ حَتَّى تَقْبِضَ صَدَاقَهَا الْحَالَّ؛ فَلَهَا ذَلِكَ، وَتَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَهَا، قَبْلَ تَسْلِيمِ صَدَاقِهَا يُفْضِي إلَى تَسْلِيمِ مَنْفَعَتِهَا الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا بِالْوَطْءِ ثُمَّ لَا تُسَلِّمُ صَدَاقَهَا فَلَا يُمْكِنُهَا الرُّجُوعُ فِيمَا إذَا اُسْتُوْفِيَ مِنْهَا بِخِلَافِ الْمَبِيعِ إذَا تَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ أَعْسَرَ بِثَمَنِهِ؛ فَإِنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute